المنشورات

خطبة عبد الله بن الزبير لما بلغه قتل المصعب

صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم سكت؛ فجعل لونه يحمرّ مرة ويصفر مرة؛ فقال رجل من قريش لرجل إلى جانبه: ماله لا يتكلم؟ فوالله إنه للبيب الخطباء! قال:
لعله يريد أن يذكر مقتل سيد العرب، فيشتد ذلك عليه، وغير ملوم! ثم تكلم فقال:
الحمد لله، له الخلق والأمر والدنيا والآخرة؛ يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممّن يشاء، ويعز من يشاء، ويذلّ من يشاء. أما بعد: فإنه لم يعزّ الله من كان الباطل معه، وإن كان معه الأنام طرّا؛ ولم يذل من كان الحقّ معه، وإن كان فردا. ألا وإن خبرا من العراق أتانا فأحزننا وأفرحنا، فأما الذي أحزننا فإن لفراق الحميم لوعة يجدها حميمه، ثم يرعوي ذوو الألباب إلى الصبر وكريم العزاء؛ وأما الذي أفرحنا فإن قتل المصعب له شهادة ولنا ذخيرة، أسلمه النّعام المصلم «1» الآذان؛ ألا وإنّ أهل العراق باعوه بأقل من الثمن الذي الذي كانوا يأخذون منه؛ فإن يقتل فقد قتل أخوه وأبوه وابن عمه، وكانوا الخيار الصالحين. وإنا والله لا نموت حتفا، ولكن قعصا «2» بالرماح، وموتا تحت ظلال السيوف؛ ليس كما يموت بنو مروان! ألا إنما الدنيا عارية من الملك الأعلى الذي لا يبيد ذكره. ولا يزول سلطانه؛ فإن تقبل الدنيا علي لم آخذها أخذ الأشر البطر؛ وإن تدبر عني لم أبك عليها بكاء الخرق المهين ثم نزل.








مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید