المنشورات

خطبة لعمرو بن سعيد بالمدينة

قال أبو العباس بن الفرج الرياشي: حدّثنا ابن عائشة قال: قدم عمرو بن سعيد ابن العاص الأشدق المدينة أميرا، فخرج إلى منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقعد عليه وغمض عينيه وعليه جبة خزّ قرمز، ومطرف خز قرمز، وعمامة خز قرمز؛ فجعل أهل المدينة ينظرون إلى ثيابه إعجابا بها، ففتح عينيه فإذا الناس ينظرون إليه؛ فقال:
ما بالكم يا أهل المدينة ترفعون إليّ أبصاركم، كأنكم تريدون أن تضربونا بسيوفكم؟ أغرّكم أنكم فعلتم ما فعلتم فعفونا عنكم؟ أما إنه لو أثبتم بالأولى ما كانت الثانية؛ أغرّكم أنكم قتلتم عثمان فوافقتم «1» ثائرنا منا رفيقا، قد فنى غضبه وبقي حلمه؟ اغتنموا أنفسكم، فقد والله ملكناكم بالشباب المقتبل، البعيد الأمل الطويل الأجل، حين فرغ من الصغر، ودخل في الكبر، حليم حديد، ليّن شديد رقيق كثيف، رفيق عنيف، حين اشتد عظمه. واعتدل جسمه، ورمى الدهر ببصره، واستقبله بأشره، فهو إن عض نهس «2» ، وإن سطا فرس «3» ، لا يقلقل له الحصى، ولا تقرع له العصا، ولا يمشي السّهّمى «4» .
قال: فما بقي بعد ذلك إلا ثلاث سنين وثمانية أشهر، حتى قصمه الله.








مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید