المنشورات

خطبة لعمرو بمكة

العتبي قال: استعمل سعيد بن العاص وهو وال على المدينة ابنه عمرو بن سعيد واليا على مكة، فلما قدم لم يلقه قرشي ولا أموي إلا أن يكون الحرث بن نوفل، فلما لقيه قال له: يا حار، ما الذي منع قومك أن يلقوني كما لقيتني؟ قال: ما منعهم من ذلك إلا ما استقبلتني به؛ والله ما كنيتني، ولا أتممت اسمي، وإنما أنهاك عن التكبّر على أكفائك، فإن ذلك لا يرفعك عليهم ولا يضعهم لك. قال: والله ما أسأت الموعظة، ولا أتهمك على النصيحة، وإن الذي رأيت مني لخلق. فلما دخل مكة قام على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:أما بعد، معشر أهل مكة، فإنا سكناها حقبة، وخرجنا عنها رغبة، ولذلك كنا إذا رفعت لنا لهوة بعد لهوة «1» أخذنا أسناها، ونزلنا أعلاها؛ ثم شدخ «2» أمر بين أمرين، فقتلنا وقتلنا؛ فو الله ما نزعنا ولا نزع عنا، حتى شرب الدم دما، وأكل اللحم لحما، وقرع العظم عظما؛ فولي رسول الله صلّى الله عليه وسلم برسالة الله إياه، واختياره له؛ ثم ولي أبو بكر لسابقته وفضله؛ ثم ولي عمر؛ ثم أجيلت قداح نزعن من شعب «3» حول نبعة، ففاز بحظّها أصلبها وأعتقها، فكنا بعض قداحها؛ ثم شدخ أمر بين أمرين، فقتلنا وقتلنا، فوالله ما نزعنا ولا نزع عنا حتى شرب الدم دما، وأكل اللحم لحما، وقرع العظم عظما، وعاد الحرام حلالا، وأسكت كل ذي حسن عن ضرب مهنّد، عركا عركا، وعسفا عسفا، وخزا ونهسا، حتى طابوا عن حقنا نفسا، والله ما أعطوه عن هوادة، ولا رضوا فيه بالقضاء؛ أصبحوا يقولون: حقّنا غلبنا عليه، فجزيناه هذا بهذا، وهذا في هذا.
يا أهل مكة، أنفسكم أنفسكم! وسفهاءكم سفهاءكم! فإن معي سوطا نكالا، وسيفا وبالا، وكلّ منصوب على أهله. ثم نزل.










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید