المنشورات

فصول في الزيارة

كتب الحسين بن الحسن بن سهل إلى صديق له:
نحن في مأدبة لما تشرف على روضة تضاحك الشمس حسنا، قد باتت السماء تكلّها، فهي شرقة بمائها، حالية بنوّارها»
، فبادر إلينا لنكون على سواء من استمتاع بعضنا ببعض؛ فكتب إليه:
هذه صفة لو كانت في أقاصي الأطراف لوجب انتجاعها «2» ، وحثّ المطيّ في ابتغائها؛ فكيف في موضع أنت تسكنه، وتجمع إلى أنيق منظره، حسن وجهك وطيب شمائلك! وأنا الجواب! وفصل: كتب إسحاق بن إبراهيم الموصلي إلى أحمد بن يوسف في المصير إليه وعند أحمد بن يوسف إبراهيم بن المهدي؛ فكتب:
عندي من أنا عنده، وحجّتنا عليك إعلامنا إياك.
وفصل: إنه من ظميء شوقه من رؤيتك، استوجب الرّيّ من زيارتك. ثم كتب تحت هذا:
سر إلينا تفديك نفسي من السّو ... ء فقد طال عهدنا بالتلاقي
واجعلن ذاك- إن رأيت- جوابي ... فلقد خفت سطوة الإشتياق
وفصل: إلى الله أشكو شدة الوحشة لغيبتك، وفرط الحزن من فراقك، وظلم الأيام بعدك؛ وأقول كما قال بعض المحدثين:
غضارة دنيا أظلم العيش بعدها ... وعند غروب الشمس يعرف فقدها
وفصل: الشوق إليك وإلى عهد أيامنا التي حسنت بك كأنها أعياد، وقصرت كأنها ساعات- يفوّت الصفاء؛ ومما يجدّده ويكثر دواعيه، تصاقب الديار، وقرب الجوار، تمم الله لنا النعمة المجددة فيك، بالنظر إلى الغرة المباركة التي لا وحشة معها، ولا أنس بعدها.
وفصل: مثلنا أعزك الله في قرب تجاورنا وبعد تزاورنا، ما قيل في أهل القبور:
هم جيرة الأحياء، أما مرارهم ... فدان، وأمّا الملتقى فبعيد!
وكل علة معك محتملة، وكل جفوة مغفورة، للشغف بك، والثقة بحسن نيتك؛ وسنأخذ بقول أبي قيس بن الأسلت:
ويكرمها جاراتها فيزرنها ... وتعتلّ عن إتيانهنّ فتعذر
وفصل: كتب حكيم إلى حكيم: يا أخي، إن أيام العمر أقلّ من أن تحتمل الهجر! والسلام.
فصل: كتب أحمد بن يوسف: لا تجوز قطيعة الصديق؛ لأنها لا تخلو من أحد وجهين إما ضعف في نفس الاختيار، وإما ملل؛ وكلاهما حجة فيه.
وفصل: طال العهد بالاجتماع حتى كدنا نتناكر عند الالتقاء؛ وقد جعلك الله للسرور نظاما، وللأنس تماما، وجعل المشاهد موحشة إذا خلت منك.
وكتب الحسن بن وهب إلى محمد بن عبد الملك الزيات:
أوجب العذر في تراخي اللقاء ... ما توالي من هذه الأنواء «1»
فسلام الإله أهديه منيّ ... كلّ يوم لسيّد الوزراء
لست أدري ماذا أقول وأشكو ... من سماء تعوقني عن سماء
غير أني أدعو على تلك بالثّكل ... وأدعو لهذه بالبقاء
وقال آخر:
أزور محمّدا فإذا التقينا ... تكلمت الضمائر في الصدور
فأرجع لم ألمه ولم يلمني ... وقد رضي الضمير عن الضّمير













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید