المنشورات

فصول من المدح

كتب ابن مكرم إلى أحمد بن المدبر:
إنّ جميع أكفائك ونظرائك يتنازعون الفضل، فإذا انتهوا إليك أقروا لك ويتنافسون في المنازل، فإذا بلغوك وقفوا دونك؛ فزادك الله وزادنا بك وفيك وجعلنا ممن يقبله رأيك ويقدّمه اختيارك، ويقع من الأمور بموقع موافقتك، ويجري فيها على سبيل طاعتك. 
وفصل له: إن من النعمة على المثني عليك، أن لا يخاف الإفراط، ولا يأمن التقصير، ويأمن أن تلحقه نقيصة الكذب، ولا ينتهي به المدح إلى غاية إلا وجد فضلك تجاوزها، ومن سعادة جدّك أن الداعي لا يعدم كثرة المشايعين «1» له والمؤمّنين معه.
وفصل: إن مما يطمعني في بقاء النعمة عندك، ويزيدني بصيرة في العلم بدوامها لديك، أنك أخذتها بحقها، واستوجبتها بما فيك من أسبابها؛ ومن شأن الأجناس أن تتآلف وشأن الأشكال أن تتعارف، وكل شيء يتقلقل «2» إلى معدنه، ويحنّ إلى عنصره، فإذا صادف منبته ونزل في مغرسه، ضرب بعرقه، وسمّق بفرعه، وتمكن تمكن الإقامة. وتفتّك تفتّك الطبيعة.
وفصل: إني فيما أتعاطى من مدحك، كالمخبر عن ضوء النهار الزاهر، والقمر الباهر، الذي لا يخفى على كل ناظر؛ وأيقنت أني حيث انتهى بي القول، منسوب إلى العجز، مقصر عن الغاية، فانصرفت من الثناء عليك إلى الدعاء لك؛ ووكلت الإخبار عنك إلى علم الناس بك.
وفصل لمحمد بن الجهم: إنك لزمت من الوفاء طريقة محمودة، وعرفت مناقبها وشهرت بمحاسنها؛ فتنافس الإخوان فيك، يبتدرون ودك، ويتمسكون بحبلك؛ فمن أثبت الله له عندك ودّا فقد وضعت خلته موضع حرزها.
وفصل لابن مكرم: السيف العتيق إذا أصابه الصدأ استغنى بالقليل من الجلاء، حتى تعود جدّته ويظهر فرنده «3» ، للين طبيعته، وكرم جوهره؛ ولم أضف نفسي لك عجبا، بل شكرا.
وفصل له: زاد معروفك عندي عظما أنه عندك مستور حقير، وعند الناس مشهور كبير.
أخذه الشاعر فقال:
زاد معروفك عندي عظما ... أنّه عندك مستور حقير
تتناساه كأن لم تأته ... وهو عند الناس مشهور كبير
وفصل للعتابي: أنت أيها الأمير وارث سلفك، وبقية أعلام أهل بيتك، المسدود به ثلمهم «1» ، المجدد به قديم شرفهم، والمحيا به أيام سعيهم. وإنه لم يخمل «2» من كنت وراثه، ولا درست آثار من كنت سالك سبيله، ولا امّحت أعلام من خلفته في رتبته.














مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید