المنشورات

فصول في الذمّ

كتب أحمد بن يوسف:
أما بعد، فإني لا أعرف للمعروف طريقا أوعر من طريقه إليك، فالمعروف لديك ضائع، والشكر عندك مهجور، وإنما غايتك في المعروف أن تحقره، وفي وليّه أن تكفره.
وكتب أبو العتاهية إلى الفضل بن معن بن زائدة:
أما بعد، فإني توسلت إليك في طلب نائلك بأسباب الأمل، وذرائع الحمد، فرارا من الفقر، ورجاء للغنى، فازددت بهما بعدا مما فيك تقرّبت، وقربا مما فيه تبعّدت، وقد قسمت اللائمة بيني وبينك؛ لأني أخطأت في سؤالك، وأخطأت في منعي؛ أمرت باليأس من أهل البخل فسألتهم، ونهيت عن منع أهل الرغبة فمنعتهم؛ وفي ذلك أقول:
فررت من الفقر الذي هو مدركي ... إلى بخل محظور النّوال منوع
فأعطبني الحرمان غبّ مطامعي ... كذلك من يلقاه غير قنوع
وغير بديع منع ذي البخل ماله ... كما بذل أهل الفضل غير بديع
إذا أنت كشفت الرّجال وجدتهم ... لأعراضهم من حافظ ومضيع
وفصل لإبراهيم بن المهدي: أما بعد، فإنك لو عرفت فضل الحسن لتجنبت شين القبيح، ورأيتك آثر القول عندك ما يضرك فكنت فيما كان منك ومنا، كما قال زهير بن أبي سلمى:
وذي خطل في القول يحسب أنّه ... مصيب فما يلمم به فهو قائله «1»
عبأت له حلما وأكرمت غيره ... وأعرضت عنه وهو باد مقاتله
فصل: إن مودة الأشرار متصلة بالذلة والصغار، تميل معهما وتصرّف في آثارهما؛ وقد كنت أحلّ مودّتك بالمحل النفيس، وأنزلها بالمنزل الرفيع، حتى رأيت ذلتك عند القلّة، وضرعتك عند الحاجة، وتغيّرك عند الاستغناء، واطّراحك لإخوان الصفاء؛ فكان ذلك أقوى أسباب عذري في قطيعتك، عند من يتصفح أمري وأمرك بعين عدل لا تميل إلى هوى، ولا ترى القبيح حسنا.
فصل للعتابي: تأتّينا إفاقتك من سكرتك، وترقّبنا انتباهك من رقدتك، وصبرنا على تجوّع الغيظ فيك، حتى بان لنا الياس من خيرك، وكشف لنا الصبر عن وجه الغلط فيك؛ فها أنا قد عرفتك حق معرفتك في تعدّيك لطورك، واطراحك حقّ من غلط في اختيارك.












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید