المنشورات

فصول إلى خليفة وأمير

منها: كتب الحجاج بن يوسف إلى عبد الملك بن مروان:
يا أمير المؤمنين، إن كل من عنّيت به فكرتك فما هو إلا سعيد يوثر أو شقي يوتر.
كتب الحسن بن سهل يصف عقل المأمون: وقد أصبح أمير المؤمنين محمود السيرة، عفيف الطعمة، كريم الشيمة، مبارك الضريبة «3» ، محمود النقيبة، موفّيا بما أخذ الله عليه، مضطلعا بما حمّله منه، مؤدّيا إلى الله حقّه، مقرّا له بنعمته، شاكرا لآلائه، لا يأمر إلا عدلا؛ ولا ينطق إلا فصلا عبئا لدينه وأمانته؛ كافّا ليده ولسانه.
وكتب محمد بن عبد الملك الزيات: إنّ حقّ الأولياء على السلطان: تنفيذ أمورهم، وتقويم أودهم «1» ، ورياضة أخلاقهم، وأن يميز بينهم، فيقدّم محسنهم، ويؤخر مسيئهم؛ ليزداد هؤلاء في إحسانهم، ويزدجر هؤلاء عن إساءتهم.
وفصل له: إن من أعظم الحقّ حقّ الدين، وأوجب الحرمة حرمة المسلمين؛ فحقيق لمن راعى ذلك الحق وحفظ تلك الحرمة، أن يراعى له حسب ما راعاه الله، ويحفظ له حسب ما حفظ الله على يديه.
وفصل له: إن الله أوجب لخلفائه على عباده حقّ الطاعة والنصيحة، ولعبيده على خلفائه بسط العدل والرأفة، وإحياء السّنن الصالحة؛ فإذا أدّى كلّ إلى كلّ حقّه، كان ذلك سببا لتمام النعمة، واتصال الزيادة، واتساق الكلمة، ودوام الألفة.
وفصل: ليس من نعمة يجدّدها الله لأمير المؤمنين في نفسه خاصة، إلا اتصلت برعيته عامّة، وشملت المسلمين كافة، وعظم بلاء الله عندهم فيها، ووجب عليهم شكره عليها: لأن الله جعل بنعمته تمام نعمتهم، وبتدبيره وذبّه «2» عن دينه حفظ حريمهم، وبحياطته حقن دمائهم وأمن سبيلهم؛ فأطال الله بقاء أمير المؤمنين، مؤيّدا بالنصر، معزّزا بالتمكين، موصول البقاء للنعيم المقيم.
فصل: الحمد لله الذي جعل أمير المؤمنين معقود النية بطاعته، منطوي القلب على مناصحتهم، مشحوذ السيف على عدوّه؛ ثم وهب له الظفر، ودوّخ له البلاد، وشرّد به العدو، وخصه بشرف الفتوح شرقا وغربا، وبرا وبحرا.
وفصل: أفعال الأمير عندنا معسولة «3» كالأماني، متصلة كالأيام؛ ونحن نواتر الشكر لكريم فعله، ونواصل الدعاء له مواصلة بره؛ إنه الناهض بكلنا، والحامل لأعبائنا، والقائم بما ناب من حقوقنا.
وفصل: أما بعد، فقد انتهى إلى أمير المؤمنين كذا فأنكره، ولا يخلو من إحدى منزلتين، ليس في واحدة منهما عذر يوجب حجة ولا يزيل لائمة: إما تقصير في عملك دعاك للإخلال بالحزم والتفريط في الواجب، وإما مظاهرة لأهل الفساد ومداهنة لأهل الريب؛ وأية هاتين كانت منك لمحلة النكر «1» بك، وموجبة العقوبة عليك، لولا ما يلقاك به أمير المؤمنين من الأناة والنظرة، والأخذ بالحجة، والتقدم في الإعذار والإنذار؛ وفي حسن ما أقلت من عظيم العثرة، ما يوجب اجتهادك في تلافي التقصير والإضاعة، والسلام.
وكتب طاهر بن الحسين حين أخذ بغداد إلى إبراهيم بن المهدي:
أما بعد، فإنه عزيز عليّ أن أكتب إلى أحد من بيت الخلافة بغير كلام الإمرة وسلامها؛ غير أنه بلغني عنك أنك مائل الهوى والرأي للناكث المخلوع، فإن كان كما بلغني فقليل ما كتبت به كثير لك، وإن يكن غير ذلك فالسلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته؛ وقد كتبت في أسفل كتابي أبياتا فتدبرها:
ركوبك الهول مالم تلق فرصته ... جهل رمى بك بالإقحام تغرير «2»
أهون بدنيا يصيب المخطئون بها ... حظّ المصيبين، والمغرور مغرور
فازرع صوابا وخذ بالحزم حيطته ... فلن يذمّ لأهل الحزم تدبير
فإن ظفرت مصيبا أو هلكت به ... فأنت عند ذوي الألباب معذور
وإن ظفرت على جهل ففزت به ... قالوا جهول أعانته المقادير!
فصل للحسن بن وهب: أما بعد، فالحمد لله متمم النّعم برحمته، الهادي إلى شكره بفضله؛ وصلى الله على سيدنا محمد عبده ورسوله، الذي جمع له من الفضائل ما فرّقه في الرّسل قبله، وجعل تراثه راجعا إلى من خصه بخلافته، وسلم تسليما.










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید