المنشورات

القوّاد الذين أقبلوا إلى عثمان

الأصمعي عن أبي عوانة قال: كان القواد الذين أقبلوا إلى عثمان: علقمة بن عثمان، وكنانة بن بشر، وحكيم بن جبلة، والأشتر النخعي، وعبد الله بن بديل.
وقال أبو الحسن: لما قدم القواد قالوا لعليّ: قم معنا إلى هذا الرجل. قال: لا والله لا أقوم معكم. قالوا: فلم كتبت إلينا؟ قال: والله ما كتبت إليكم كتابا قط. قال: فنظر القوم بعضهم إلى بعض، وخرج عليّ من المدينة.
الأعمش عن عيينة عن مسروق قال: قالت عائشة: مصتموه موص «1» الإناء حتى تركتموه كالثوب الرخيض «2» ، نقيّا من الدنس؛ ثم عدوتم فقتلتموه! قال مروان:
فقلت لها: هذا عملك، كتبت إلى الناس تأمرينهم بالخروج عليه! فقالت: والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون، ما كتبت إليهم بسواد في بياض، حتى جلست في مجلسي هذا.
فكانوا يرون أنه كتب على لسان عليّ، وعلى لسانها، كما كتب أيضا على لسان عثمان مع الأسود إلى عامل مصر؛ فكان اختلاق هذه الكتاب كلها سببا للفتنة.
وقال أبو الحسن: أقبل أهل مصر عليهم عبد الرحمن بن عديس البلوى، وأهل البصرة عليهم حكيم بن جبلة العبدي، وأهل الكوفة عليهم الأشتر- واسمه مالك بن الحارث النخعي- في أمر عثمان، حتى قدموا المدينة.
قال أبو الحسن: لما قدم وفد أهل مصر، دخلوا على عثمان فقالوا: كتبت فينا بكذا وكذا؟ قال: إنما هما اثنتان: أن تقيموا رجلين من المسلمين، أو يميني بالله الذي لا إله إلا هو ما كتبت ولا أمليت ولا علمت؛ وقد يكتب الكتاب على لسان الرجل، وينقش الخاتم على الخاتم. قالوا: قد أحل الله دمك! وحصروه في الدار، فأرسل عثمان إلى الأشتر فقال: ما يريد الناس مني؟ قال: واحدة من ثلاث ليس عنها بدّ.
قال: ما هي؟ قال: يخيّرونك بين أن تخلع لهم أمرهم، فتقول: هذا أمركم فقلّدوه من شئتم؛ وإما أن تقتص من نفسك؛ فإن أبيت [هاتين] فالقوم قاتلوك. قال: أما أن أخلع لهم أمرهم فما كنت لأخلع سربالا سر بلنيه الله فتكون سنة من بعدي، كلما كره القوم إمامهم خلعوه: وأما أن أقتص من نفسي فو الله لقد علمت أن صاحبي بين يدي قد كانا يعاقبان، وما يقوى بدني على القصاص؛ وأما أن تقتلوني، فلئن قتلتموني لا تتحابون بعدي أبدا، ولا تصلون بعدي جميعا أبدا.
وقال أبو الحسن: فو الله لن يزالوا على النوى «1» جميعا وإن قلوبهم مختلفة.
وقال أبو الحسن: أشرف عليهم عثمان وقال: إنه لا يحل سفك دم امريء مسلم إلا في إحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس؛ فهل أنا في واحدة منهن؟ فما وجد القوم له جوابا. ثم قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان على أحد ومعه تسعة من أصحابه أنا أحدهم فتزلزل الجبل حتى همت أحجاره أن تتساقط، فقال: اسكن أحد فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد؟ قالوا: اللهم نعم. قال: شهدوا لي ورب الكعبة.
قال أبو الحسن: أشرف عليهم عثمان فقال: السلام عليكم. فما ردّ أحد عليه السلام، فقال: أيها الناس، إن وجدتم في الحق أن تضعوا رجلي في القبر فضعوها فما وجد القوم له جوابا؛ ثم قال: أستغفر الله إن كنت ظلمت وقد غفرت إن كنت ظلمت! يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: كنت مع عثمان في الدار، فقال: أعزم على كل من رأى أن لي عليه سمعا وطاعة أن يكفّ يده ويلقي سلاحه.
فألقى القوم أسلحتهم.
ابن أبي عروبة عن قتادة، أن زيد بن ثابت دخل على عثمان يوم الدار، فقال: إن هذه الأنصار بالباب وتقول: إن شئت كنا أنصار الله مرتين! قال: لا حاجة لي في ذلك؛ كفوا.
ابن أبي عروبة عن يعلى بن حكيم عن نافع، أن عبد الله بن عمر لبس درعه وتقلد سيفه يوم الدار، فعزم عليه عثمان أن يخرج ويضع سلاحه ويكف يده، ففعل.
محمد بن سيرين قال: قال سليط: نهانا عثمان عنهم، ولو أذن لنا عثمان فيهم لضربناهم حتى نخرجهم من أقطارنا.









مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید