المنشورات

ما قالوا في قتلة عثمان

العتبي: قال رجل من بني ليث: لقيت الزبير قادما، فقلت: أبا عبد الله، ما بالك؟
قال: مطلوب مغلوب، يغلبني ابني ويطلبني ذنبي! قال: فقدمت المدينة فلقيت سعد بن أبي وقاص، فقلت: أبا إسحق، من قتل عثمان؟ قال: قتله سيف سلّته عائشة، وشحذه طلحة، وسمّه علي! قلت: فما حال الزبير؟ قال: أشار بيده، وصمت بلسانه.
وقالت عائشة: قتل الله مذمّما بسعيه على عثمان- تريد محمدا أخاها- وأهرق دم ابن بديل على ضلالته، وساق إلى أعين بني تميم هوانا في بيته، ورمى الأشتر بسهم من سهامه لا يشوى: قال: ما منهم أحد إلا أدركته دعوة عائشة.
سفيان الثوري قال: لقي الأشتر مسروقا فقال له: أبا عائشة، مالي أراك عضبان على ربك من يوم قتل عثمان بن عفان؟ لو رأيتنا يوم الدار ونحن كأصحاب عجل بني إسرائيل.
وقال سعد بن أبي وقاص لعمار بن ياسر: لقد كنت عندنا من أفاضل أصحاب محمد، حتى [إذا] لم يبق من عمرك إلا ظمء «1» الحمار فعلت وفعلت! يعرض له بقتل عثمان، قال عمار: أي شيء أحب إليك: مودة على دخل أو هجر جميل قال: هجر جميل! قال: فلله عليّ أن لا أكلّمك أبدا! دخل المغيرة بن شعبة على عائشة فقالت: يا أبا عبد الله لو رأيتني يوم الجمل قد نفذت النصال هودجي حتى وصل بعضها إلى جلدي! قال لها المغيرة: وددت والله أن بعضها كان قتلك! قالت يرحمك الله! ولم تقول هذا؟ قال: لعلها تكون كفّارة في سعيك على عثمان! قالت: أما والله لئن قلت ذلك لما علم الله أني أردت قتله، ولكن علم الله أني أردت أن يقاتل فقوتلت، وأردت أن يرمى فرميت، وأردت أن يعصى فعصيت؛ ولو علم مني أني أردت قتله لقتلت.
وقال حسان بن ثابت لعلي: إنك تقول: ما قتلت عثمان ولكن خذلته، ولم آمر به ولكن لم أنه عنه. فالخاذل شريك القاتل، والساكت شريك القائل.
أخذ هذا المعنى كعب بن جعيل التغلبي وكان مع معاوية يوم صفين، فقال في علي بن أبي طالب:
وما في عليّ لمستحدث ... مقال سوى عصمة المحدثينا
وإثاره لأهالي الذنوب ... ورفع القصاص عن القاتلينا
إذا سيل عنه زوى وجهه ... وعمّى الجواب على السائلينا «1»
فليس براض ولا ساخط ... ولا في النهاة ولا الآمرينا
ولا هو ساه ولا سرّه ... ولا آمن بعض ذا أن يكونا
وقال رجل من أهل الشام في قتلة عثمان رضي الله تعالى عنه:
خذلته الأنصار إذ حضر المو ... ت وكانت ثقاته الأنصار
ضربوا بالبلاء فيه مع النّا ... س وفي ذاك للبرية عار
حرمة بالبلاء من حرمة الله ... ووال من الولاة وجار
أين أهل الحياء إذ منع الما ... ء فدته الأسماع والأبصار
من عذيري من الزبير ومن طلحة ... هاجا أمرا له إعصار «2»
تركوا الناس دونهم عبرة العجل ... فشبت وسط المدينة نار
هكذا زاغت اليهود عن الحقّ ... بما زخرفت لها الأحبار
ثم وافى محمد بن أبي بكر ... جهارا وخلفه عمّار
وعليّ في بيته يسأل النا ... س ابتداء وعنده الأخبار!
باسطا للتي يريد يديه ... وعليه سكنة ووقار
يرقب الأمر أن يزفّ إليه ... بالذي سبّبت له الأقدار
قد أرى كثرة الكلام قبيحا ... كل قول يشينه إكثار
وقال حسان يرثي عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه:
من سره الموت صرفا لا مزاح له ... فليأت مأسدة في دار عثمانا «1»
صبرا فدى لكم أمّي وما ولدت ... قد ينفع الصبر في المكروه أحيانا
لعلكم أن تروا يوما بمغيظة ... خليفة الله فيكم كالذي كانا
إني لمنهم وإن غلبوا وإن شهدوا ... ما دمت حيّا وما سمّيت حسّانا «2»
يا ليت شعري وليت الطّير تخبرني ... ما كان شأن عليّ وابن عفّانا
لتسمعنّ وشيكا في ديارهم ... الله أكبر يا ثارات عثمانا
ضحّوا بأشمط عنوان السّجود به ... يقطّع الليل تسبيحا وقرآنا












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید