المنشورات

خبر عمرو بن العاص

سفيان بن عيينة قال: أخبرني أبو موسى الأشعري قال: أخبرني الحسن قال: علم معاوية والله، إن لم يبايعه عمرو لم يتم له أمر، فقال له يا عمرو، اتبعني. قال لماذا؟
للآخرة؟ فو الله ما معك آخرة؛ أم للدنيا؟ فو الله لا كان حتى أكون شريكك فيها! قال: فأنت شريكي فيها. قال: فاكتب لي مصر وكورها «2» . فكتب له مصر وكورها وكتب في آخر الكتاب: وعلى عمرو السمع والطاعة. قال عمرو: واكتب:
إن السمع والطاعة لا ينقصان من شرطه شيئا. قال معاوية: لا ينظر الناس إلى هذا.
قال عمرو: حتى تكتب. قال: فكتب، والله ما يجد بدا من كتابتها! ودخل عتبة بن أبي سفيان على معاوية وهو يكلم عمرا في مصر، وعمرو يقول له:
إنما أبايعك بها ديني! فقال عتبة: ائتمن الرجل بدينه، فإنه صاحب من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وكتب عمرو إلى معاوية:
معاوي لا أعطيك ديني ولم أنل ... به منك دنيا، فانظرن كيف تصنع؟
وما الدين والدّنيا سواء وإنّني ... لآخذ ما تعطى ورأسي مقنّع
فإن تعطني مصرا فأربح صفقة ... أخذت بها شيخا يضرّ وينفع
وقالوا: لما قدم عمرو بن العاص على معاوية وقام معه في شأن علي بعد أن جعل له مصر طعمة. قال له: إن بأرضك رجلا له شرف واسم، والله إن قام معك استهويت به قلوب الرجال؛ وهو عبادة بن الصامت. فأرسل إليه معاوية، فلما أتاه وسّع له بينه وبين عمرو بن العاص، فجلس بينهما، فحمد الله معاوية وأثنى عليه، وذكر فضل عبادة وسابقته، وذكر فضل عثمان وما ناله، وحضّه على القيام معه؛ فقال عبادة: قد سمعت ما قلت، أتدريان لم جلست بينكما في مكانكما؟ قالا: نعم، لفضلك وسابقتك وشرفك. قال: لا والله، ما جلست بينكما لذلك، وما كنت لأجلس بينكما في مكانكما؛ ولكن بينا نحن نسير مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في غزاة تبوك، إذ نظر إليكما تسيران وأنتما تتحدّثان، فالتفت إلينا فقال: إذا رأيتموهما اجتمعا ففرّقوا بينهما؛ فإنما لا يجتمعان على خير أبدا! وأنا أنهاكما عن اجتماعكما؛ فأمّا ما دعوتماني إليه من القيام معكما، فإنّ لكما عدوّا هو أغلظ أعدائكما عليكما، وأنا كامن من ورائكم في ذلك العدو، إن اجتمعتم على شيء دخلت فيه.











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید