المنشورات

مقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه

سفيان بن عيينة قال: كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يخرج بالليل إلى المسجد، فقال أناس من أصحابه: نخشى أن يصيبه بعض عدوّه، ولكن تعالوا نحرسه.
فخرج ذات ليلة فإذا هو بنا، فقال: ما شأنكم؟ فكتمناه، فعزم علينا، فأخبرناه، فقال: تحرسوني من أهل السماء أو من أهل الأرض؟ قلنا: من أهل الأرض. قال: إنه ليس يقضى في الأرض حتى يقضى في السماء! التميمي بإسناد له قال: لما تواعد ابن ملجم وصاحباه بقتل عليّ ومعاوية وعمرو ابن العاص، دخل ابن ملجم المسجد في بزوغ الفجر الأول، فدخل في الصلاة تطوّعا، ثم افتتح في القراءة وجعل يكرر هذه الآية: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ
«1» فأقبل ابن أبي طالب بيده مخفقة «2» وهو يوقظ الناس للصلاة ويقول: أيها الناس، الصلاة الصلاة. فمرّ بابن ملجم وهو يردّد هذه الآية، فظن عليّ أنه ينسى فيها، ففتح عليه فقال.. وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ
«3» ثم انصرف علي وهو يريد أن يدخل الدار، فاتبعه فضربه على قرنه «4» ، ووقع السيف في الجدار فأطار فدرة «5» من آخره، فابتدره الناس فأخذوه، ووقع السيف منه، فجعل يقول: أيها الناس، احذروا السيف فإنه مسموم! قال: فأتي به علي، فقال: احبسوه ثلاثا وأطعموه واسقوه، فإن أعش أر فيه رأيي، وإن أمت فاقتلوه ولا تمثّلوا به، فمات من تلك الضربة، فأخذه عبد الله بن جعفر فقطع يديه ورجليه، فلم يفزع، ثم أراد قطع لسانه ففزع؛ فقيل له: لم لم تفزع لقطع يديك ورجليك وفزعت لقطع لسانك؟ قال: إني أكره أن تمرّ بي ساعة لا أذكر الله فيها! ثم قطعوا لسانه وضربوا عنقه.
وتوجه الخارجي الآخر إلى معاوية فلم يجد إليه سبيلا.
وتوجه الثالث إلى عمرو فوجده قد أغفل تلك الليلة فلم يخرج إلى الصلاة، وقدّم مكانه رجلا يقال له خارجة فضربه الخارجي بالسيف وهو يظنه عمرو بن العاص، فقتله؛ فأخذه الناس فقالوا: قتلت خارجة! قال: أو ليس عمرا؟ قالوا له: لا! قال:
أردت عمرا وأراد الله خارجة! وفي الحديث أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لعلي: ألا أخبرك بأشد الناس عذابا يوم القيامة؟
قال: أخبرني يا رسول الله. قال: فإن أشد الناس عذابا يوم القيامة: عاقر ناقة ثمود، وخاضب لحيتك بدم رأسك!
وقال كثيّر عزة.
ألا إنّ الأئمة من قريش ... ولاة العهد أربعة سواء
عليّ والثلاثة من بنيه ... هم الأسباط ليس بهم خفاء «1»
فسبط سبط إيمان وبرّ ... وسبط غيّبته كربلاء
وسبط لا يذوق الموت حتى ... يقود الخيل يقدمها اللواء
تغيّب لا يرى عنهم زمانا ... برضوى عنده عسل وماء
قال الحسن بن علي صبيحة الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
حدثني أبي البارحة في هذا المسجد، فقال: يا بني، إني صليت البارحة ما رزق الله، ثم نمت نومة فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فشكوت إليه ما أنا فيه من مخالفة أصحابي وقلة رغبتهم في الجهاد، فقال لي: ادع الله أن يريحك منهم. فدعوت الله! قال الحسن صبيحة تلك الليلة: أيها الناس، إنه قتل فيكم الليلة رجل كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يبعثه فيكتنفه جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فلا ينثني حتى يفتح الله له، ما ترك إلا ثلاثمائة درهم.










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید