المنشورات

خلافة الحسن بن علي

ثم بويع للحسن بن علي- أمه فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم- في شهر رمضان سنة أربعين من التاريخ، فكتب إليه ابن عباس:
إن الناس قد ولّوك أمرهم بعد علي؛ فاشدد عن يمينك وجاهد عدوك، واستر من الظّنين ذنبه بما لا يثلم دينك، واستعمل أهل البيوتات، تستصلح بهم عشائرهم ...
ثم اجتمع الحسن بن علي ومعاوية بمسكن من أرض السواد من ناحية الأنبار، واصطلحا، وسلم الحسن الأمر إلى معاوية، وذلك في شهر جمادي الأولى سنة إحدى وأربعين، ويسمى عام الجماعة.
فكانت ولاية الحسن سبعة أشهر وسبعة أيام.
ومات الحسن في المدينة سنة تسع وأربعين، وهو ابن ست وأربعين سنة؛ وصلى عليه سعيد بن العاص وهو والي المدينة، وأوصى أن يدفن مع جده في بيت عائشة، فمنعه مروان بن الحكم، فردوه إلى البقيع.
وقال هريرة لمروان: علام تمنع أن يدفن مع جده؟ فلقد أشهد أني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة» فقال له مروان: لقد ضيّع حديث نبيه إذ لم يروه غيرك. قال: أما إنك إذ قلت ذلك: لقد صحبته حتى عرفت من أحبّ ومن أبغض، ومن نفى ومن أقرّ، ومن دعا له ومن دعا عليه! ولما بلغ معاوية موت الحسن بن عليّ خرّ ساجدا لله، ثم أرسل إلى ابن عباس وكان معه في الشام، فعزاه وهو مستبشر، وقال له. ابن كم سنة مات أبو محمد؟ فقال له:
سنه كان يسمع في قريش، فالعجب من أن يجهله مثلك.
قال: بلغني أنه ترك أطفالا صغارا.
قال: كل ما كان صغيرا يكبر، وإن طفلنا لكهل، وإنّ صغيرنا لكبير! ثم قال:
ما لي أراك يا معاوية مستبشرا بموت الحسن بن علي؟ فو الله لا ينسأ في أجلك، ولا يسدّ حفرتك؛ وما أقلّ بقاءنا بعده! ثم خرج ابن عباس؛ فبعث إليه معاوية ابنه يزيد، فقعد بين يديه فعزّاه واستعبر لموت الحسن، فلما ذهب أتبعه ابن عباس بصره وقال: إذا ذهب آل حرب ذهب الحلم من الناس.












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید