المنشورات

مقتل الحسين بن علي

عليّ بن عبد العزيز قال: قرأ عليّ أبو عبيد القاسم بن سلام وأنا أسمع، فسألته:
نروي عنك كما قريء عليك؟ قال: نعم، قال أبو عبيد: لما مات معاوية بن أبي سفيان وجاءت وفاته إلى المدينة، وعليهما يومئذ الوليد بن عتبة، فأرسل إلى الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير، فدعاهما إلى البيعة ليزيد، فقالا: بالغد إن شاء الله على رءوس الناس. وخرجا من عنده، فدعا الحسين برواحله فركبها وتوجه نحو مكة على المنهج الأكبر، وركب ابن الزبير برذونا «1» له وأخذ طريق العرج حتى قدم مكة؛ ومر حسين حتى أتى على عبد الله بن مطيع وهو على بئر له، فنزل عليه، فقال للحسين: يا أبا عبد الله، لا سقانا الله بعدك ماء طيبا، أين تريد؟ قال: العراق! قال:
سبحان الله! لم؟ قال: مات معاوية، وجاءني أكثر من حمل صحف. قال لا تفعل أبا عبد الله، فو الله ما حفظوا أباك وكان خيرا منك، فكيف يحفظونك؟ وو الله لئن قتلت لا بقيت حرمة بعدك إلا استحلّت! فخرج حسين حتى قدم مكة، فأقام بها هو وابن الزبير.
قال: فقدم عمرو بن سعيد في رمضان أميرا على المدينة والموسم، وعزل الوليد بن عتبة؛ فلما استوى على المنبر رعف «2» ، فقال أعرابيّ: مه! جاءنا والله بالدم! قال:
فتلقاه رجل بعمامته، فقال: مه! عم الناس والله! ثم قام فخطب، فناولوه عصا لها شعبتان، فقال: تشعب الناس والله! ثم خرج إلى مكة، فقدمها قبل التروية «3» بيوم.
ووفدت الناس للحسين يقولون: يا أبا عبد الله، لو تقدّمت فصليت بالناس فأنزلتهم بدارك! إذ جاء المؤذن فأقام الصلاة، فتقدّم عمرو بن سعيد فكبر، فقيل للحسين: اخرج أبا عبد الله إذ أبيت أن تتقدّم. فقال: الصلاة في الجماعة أفضل. قال:
فصلى، ثم خرج، فلما انصرف عمرو بن سعيد بلغه أنّ حسينا قد خرج، فقال:
اطلبوه، اركبوا كل بعير بين السماء والأرض فاطلبوه! قال: فعجب الناس من قوله هذا، فطلبوه، فلم يدركوه.
وأرسل عبد الله بن جعفر ابنيه عونا ومحمدا ليردّا حسينا، فأبى حسين أن يرجع وخرج بابني عبد الله بن جعفر معه.
ورجع عمرو بن سعد إلى المدينة، وأرسل إلى ابن الزبير ليأتيه، فأبى أن يأتيه، وامتنع ابن الزبير برجال من قريش وغيرهم من أهل مكة، قال: فأرسل عمرو بن سعد لهم جيشا من المدينة، وامّر عليهم عمرو بن الزبير أخا عبد الله بن الزبير، وضرب على أهل الديوان البعث الى أهل مكة وهم كارهون للخروج، فقال: إما أن تأتوني بأدلّاء وإما أن تخرجوا. قال: فبعثهم إلى مكة، فقاتلوا ابن الزبير، فانهزم عمرو بن الزبير وأسره أخوه عبد الله فحبسه في السجن.
وقد كان بعث الحسين بن علي مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى أهل الكوفة ليأخذ بيعتهم، وكان على الكوفة حين مات معاوية، فقال:
يأهل الكوفة، ابن بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم أحبّ إلينا من ابن بنت بحدل.
قال: فبلغ ذلك يزيد؛ فقال: يأهل الشام، أشيروا عليّ، من أستعمل على الكوفة؟ فقالوا: ترضى من رضي به معاوية؟ قال: نعم. قيل له: فإنّ الصك بإمارة عبيد الله بن زياد على العراقين قد كتب في الديوان. فاستعمله على الكوفة، فقدمها قبل أن يقدم حسين.
وبايع مسلم بن عقيل أكثر من ثلاثين ألفا من أهل الكوفة، وخرجوا معه يريدون عبيد الله بن زياد، فجعلوا كلما انتهوا إلى زقاق انسل منهم ناس، حتى بقي في شرذمة قليلة. قال: فجعل الناس يرمونه بالآجرّ من فوق البيوت؛ فلما رأى ذلك دخل دار هانيء بن عروة المرادي، وكان له شرف ورأي؛ فقال له هانيء: إن لي من ابن زياد مكانا، وإني سوف أتمارض، فإذا جاء يعودني فاضرب عنقه. قال: فبلغ ابن زياد أنّ هانيء بن عروة مريض يقيء الدم، وكان شرب المغرة «1» فجعل يقيئها، فجاء ابن زياد يعوده وقال هانيء: إذا قلت لكم اسقوني، فاخرج إليه فاضرب عنقه- يقولها لمسلم بن عقيل- فلما دخل ابن زياد وجلس، قال هانيء: اسقوني! فتثبّطوا عليه، فقال: ويحكم! اسقوني ولو كان فيه نفسي! قال: فخرج ابن زياد ولم يصنع الآخر شيئا. قال: وكان أشجع الناس ولكن أخذ بقلبه.
وقيل لابن زياد ما أراده هانيء، فأرسل إليه، فقال: إني شاك لا أستطيع. فقال:
ائتوني به وإن كا شاكيا. فأسرجت له دابة فركب ومعه عصا. وكان أعرج، فجعل يسير قليلا قليلا، ثم يقف ويقول: ما أذهب إلى ابن زياد، حتى دخل على ابن زياد فقال له: يا هانيء، أما كانت يد زياد عندك بيضاء؟ قال بلى: قال: ويدي؟ قال:
بلى. ثم قال له هانيء: قد كانت له عندي ولأبيك وقد آمنتك في نفسك ومالك.
قال: اخرج. فخرج، فتناول العصا من يده وضرب بها وجهه حتى كسرها، ثم قدّمه فضرب عنقه.
وأرسل إلى مسلم بن عقيل، فخرج إليهم بسيفه؛ فما زال يقاتلهم حتى أثخنوه بالجراح، فأسروه.
وأتي به ابن زياد فقدمه ليضرب عنقه. فقال له: دعني حتى أوصي. فقال له:
أوص. فنظر في وجوه الناس، فقال لعمر بن سعد: ما أرى قريشا هنا غيرك فادن مني حتى أكلمك. فدنا منه، فقال له هل لك أن تكون سيد قريش ما كانت قريش؟ إن حسينا ومن معه- وهم تسعون إنسانا ما بين رجل وامرأة- في الطريق؛فارددهم واكتب لهم بما أصابني. ثم ضرب عنفه، فقال عمر لابن زياد: أتدري ما قال لي؟ قال اكتم على ابن عمك! قال: هو أعظم من ذلك قال: وما هو؟ قال: قال لي: إن حسينا أقبل [ومن معه] وهم تسعون إنسانا ما بين رجل وامرأة؛ فارددهم واكتب إليه بما أصابني.
فقال له ابن زياد: أما والله- إذ دللت عليه- لا يقاتله أحد غيرك! قال: فبعث معه جيشا وقد جاء حسينا الخبر وهم بشراف «1» ، فهمّ بأن يرجع ومعه خمسة من بني عقيل، فقالوا: ترجع وقد قتل أخونا وقد جاءك من الكتب ما تثق به؟ فقال الحسين لبعض أصحابه: والله مالي على هؤلاء من صبر.
قال: فلقيه الجيش على خيولهم وقد نزلوا بكربلاء؛ فقال حسين: أي أرض هذه؟ قالوا: كربلاء. قال: أرض كرب وبلاء!.
وأحاطت بهم الخيل، فقال الحسين لعمر بن سعد: يا عمر، اختر مني إحدى ثلاث خصال: إما أن تتركني أرجع كما جئت، وإما أن تسيّرني إلى يزيد فأضع يدي في يده، وإما أن تسيّرني إلى الترك أقاتلهم حتى أموت!.
فأرسل إلى ابن زياد بذلك، فهمّ أن يسيّره إلى يزيد، فقال له شمر بن ذي الجوشن: أمكنك الله من عدوّك فتسيّره! لا، إلا أن ينزل على حكمك فأرسل إليه بذلك؛ فقال الحسين: أنا أنزل على حكم ابن مرجانة؟ والله لا أفعل ذلك أبدا! قال: وأبطأ عمر عن قتاله، فأرسل ابن زياد إلى شمر بن ذي الجوشن، وقال له:
إن تقدم عمر وقاتل، وإلا فاتركه وكن مكانه.
قال: وكان مع عمر بن سعد ثلاثون رجلا من أهل الكوفة؛ فقالوا: يعرض عليكم ابن بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاث خصال، فلا تقبلوا منها شيئا؟ فتحولوا مع الحسين فقاتلوا [معه] .
ورأى رجل من أهل الشام عبد الله بن حسن بن علي وكان من أجمل الناس فقال:
لأقتلن هذا الفتى! فقال له رجل: ويحك! ما تصنع به؟ دعه. فأبى، وحمل عليه فضربه بالسيف فقتله، فلما أصابته الضربة قال: يا عماه! قال: لبيك صوتا قل ناصره، وكثر واتره «1» ! وحمل الحسين على قاتله فقطع يده، ثم ضربه ضربه أخرى فقتله، ثم اقتتلوا.
علي بن عبد العزيز قال: حدثني الزبير قال: حدثني محمد بن الحسن قال: لما نزل عمر بن سعد بالحسين وأيقن أنهم قاتلوه، قام في أصحابه خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: قد نزل بي ما ترون من الأمر، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها واشمعلّت «2» ، فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء الأخنس «3» عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون الحق لا يعمل به، والباطل لا ينهى عنه؟ ليرغب المؤمن في لقاء الله فإني لا أرى الموت إلا سعادة، و [لا] الحياة مع الظالمين إلا ذلا وبرما «4» ! وقتل الحسين رضي الله عنه يوم الجمعة يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بالطّف من شاطيء الفرات بموضع يدعى كربلاء.
وولد لخمس ليال من شعبان سنة أربع من الهجرة.
وقتل وهو ابن ست وخمسين سنة، وهو صابغ بالسواد، قتله سنان بن أبي أنس، وأجهز عليه خولة بن يزيد الأصبحي من حمير، وحزّ رأسه وأتى به عبيد الله وهو يقول:
أوقر ركابي فضّة وذهبا ... أنا قتلت الملك المحجّبا
خير عباد الله أمّا وأبا فقال له عبيد الله بن زياد: إذا كان خير الناس أما وأبا وخير عباد الله، فلم قتلته؟ قدّموه فاضربوا عنقه! فضربت عنقه.
روح بن زنباع عن أبيه عن الغاز بن ربيعة الجرشي قال: إني لعند يزيد بن معاوية إذ أقبل زحر بن قيس الجعفي حتى وقف بين يدي يزيد، فقال: ما وراءك يا زحر؟
فقال:
أبشرك يا أمير المؤمنين بفتح الله ونصره، قدم علينا الحسين في سبعة عشر رجلا من أهل بيته، وستين رجلا من شيعته، فبرزنا إليهم وسألناهم أن يستسلموا وينزلوا على حكم الأمير أو القتال، فأبوا إلا القتال، فغدونا عليهم مع شروق الشمس، فأحطناهم من كل ناحية، حتى أخذت السيوف مأخذها من هام الرجال فجعلوا يلوذون منا بالآكام والحفر كما يلوذ الحمام من الصقر، فلم يكن إلا نحر جزور أو قوم»
قائم، حتى أتينا على آخرهم: فهاتيك أجسامهم مجزّرة «2» ، وهامهم مرمّلة «3» ، وخدودهم معفّرة، تصهرهم الشمس، وتسفي عليهم الريح بقاع سبسب، زوّارهم العقبان والرخم «4» ! قال: فدمعت عينا يزيد، وقال: لقد كنت أقنع من طاعتكم بدون قتل الحسين.
لعن الله ابن سمية! أما والله لو كنت صاحبه لتركته، رحم الله أبا عبد الله وغفر له.
علي بن عبد العزيز عن محمد بن الضحاك بن عثمان الخزاعي عن أبيه، قال: خرج الحسين إلى الكوفة ساخطا لولاية يزيد بن معاوية، فكتب يزيد إلى عبيد الله ابن زياد وهو واليه بالعراق:
إنه بلغني أن حسينا سار إلى الكوفة، وقد ابتلي به زمانك بين الأزمان، وبلدك بين البلدان، وابتليت به من بين العمال، وعنده تعتق أو تعود عبدا.
فقتله عبيد الله وبعث برأسه وثقله «1» إلى يزيد، فلما وضع الرأس بين يديه تمثل بقول حصين بن الحمام المري:
يفلّقن هاما من رجال أعزة ... علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما
فقال له علي بن الحسين، وكان في السبي: كتاب الله أولى بك من الشعر، يقول الله: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ
«2» .
فغضب يزيد وجعل يعبث بلحيته، ثم قال: غير هذا من كتاب الله أولى بك وبأبيك، قال الله. وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ
«3» ما ترون يا أهل الشام في هؤلاء.
فقال له رجل: لا تتخذ من كلب سوء جروا.
قال النعمان بن بشير الأنصاري: انظر ما كان يصنعه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بهم لو رآهم في هذه الحالة فاصنعه بهم.
قال: صدقت، خلوا عنهم واضربوا عليهم القباب وأمال عليهم المطبخ وكساهم وأخرج إليهم جوائز كثيرة، وقال: لو كان بين ابن مرجانة وبينهم نسب ما قتلهم: ثم ردّهم إلى المدينة.
الرياشي قال: أخبرني محمد بن أبي رجاء قال: أخبرني أبو معشر عن يزيد بن زياد عن محمد بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قال: أتي بنا يزيد بن معاوية بعد ما قتل الحسين ونحن اثنا عشر غلاما. وكان أكبرنا يومئذ علي بن الحسين، فأدخلنا عليه، وكان كل واحد منا مغلولة يده إلى عنقه، فقال لنا: أحرزت «4» أنفسكم عبيد أهل العراق، وما علمت بخروج أبي عبد الله ولا بقتله.
أبو الحسن المدائني عن إسحاق عن إسماعيل بن سفيان عن أبي موسى عن الحسن البصري، قال: قتل مع الحسين ستة عشر من أهل بيته، والله ما كان على الأرض يومئذ أهل بيت يشبّهون بهم. وحمل أهل الشام بنات رسول الله صلّى الله عليه وسلم سبايا على أحقاب «1» الإبل. فلما أدخلن على يزيد، قالت فاطمة ابنة الحسين: يا يزيد، أبنات رسول الله صلّى الله عليه وسلم سبايا؟ قال: بل حرائر كرام، ادخلي على بنات عمك تجديهن قد فعلن ما فعلن، قالت فاطمة: فدخلت إليهن، فما وجدت فيهن سفيانية إلا متلدّمة «2» تبكي، وقالت بنت عقيل بن أبي طالب ترثي الحسين ومن أصيب معه:
عيني أبكي بعبرة وعويل ... واندبي إن ندبت آل الرسول
ستة كلهم لصلب عليّ ... قد أصيبوا وخمسة لعقيل
ومن حديث أم سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم، قالت: كان عندي النبي صلّى الله عليه وسلم ومعي الحسين، فدنا من النبي صلّى الله عليه وسلم، فأخذته، فبكى فتركته، فدنا منه، فأخذته، فبكى فتركته؛ فقال له جبريل: أتحبه يا محمد؟ قال: نعم! قال: أما إنّ أمتك ستقتله، وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها! فبسط جناحه، فأراه منها، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم.
محمد بن خالد قال: قال إبراهيم النخعي: لو كنت فيمن قتل الحسين ودخلت الجنة لاستحييت أن أنظر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ابن لهيعة عن أبي الأسود قال: لقيت رأس الجالوت «3» ، فقال: إن بيني وبين داود سبعين أبا، وإن اليهود إذا رأوني عظموني وعرفوا حقي وأوجبوا حفظي؛ وإنه ليس بينكم وبين نبيكم إلا أب واحد قتلتم ابنه!
ابن عبد الوهاب عن يسار بن عبد الحكم قال: انتهب عسكر الحسين فوجد فيه طيب، فما تطيبت به امرأة إلا برصت «1» .
جعفر بن محمد عن أبيه قال: بايع رسول الله صلّى الله عليه وسلم الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وهم صغار، ولم يبايع قطّ صغير إلّا هم.
عليّ بن عبد العزيز عن الزبير عن مصعب بن عبد الله قال: حجّ الحسين خمسة وعشرين حجة ملبيا ماشيا.
وقيل لعليّ بن الحسين: ما كان أقلّ ولد أبيك، قال العجب كيف ولدت له! كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، فمتى كان يتفرغ للنساء؟
يحيى بن إسماعيل عن الشعبي أن سالما قال: قيل لأبي عبد الله بن عمر: إن الحسين توجه إلى العراق. فلحقه على ثلاث مراحل من المدينة- وكان غائبا عند خروجه- فقال: أين تريد؟ فقال: أريد العراق. وأخرج إليه كتب القوم، ثم قال: هذه بيعتهم وكتبهم. فناشده الله أن يرجع، فأبى، فقال: أحدّثك بحديث ما حدّثت به أحدا قبلك: إن جبريل أتى النبي صلّى الله عليه وسلم يخيره بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة، وإنكم بضعة «2» منه، فو الله لا يليها أحد من أهل بيته أبدا؛ وما صرفها الله عنكم إلا لما هو خير لكم؛ فارجع، فأنت تعرف غدر أهل العراق وما كان يلقي أبوك منهم. فأبى، فاعتنقه وقال: استودعتك الله من قتيل.
وقال الفرزدق: خرجت أريد مكة، فإذا بقباب مضروبة وفساطيط، فقلت: لمن هذه؟ قالوا: للحسين. فعدلت إليه فسلمت عليه، فقال: من أين أقبلت؟ قلت: من العراق. قال كيف تركت الناس؟ قلت: القلوب معك، والسيوف عليك، والنصر من السماء!












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید