المنشورات

حديث الزهريّ في قتل الحسين رضي الله عنه

حدثنا أبو محمد عبد الله بن ميسرة قال: حدثنا محمد بن موسى الحرشي قال: حدثنا حماد بن عيسى الجهني عن عمر بن قيس، قال: سمعت ابن شهاب الزهري يحدث عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ...
قال حماد بن عيسى: وحدثني به عباد بن بشر عن عقيل عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم، قال: «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين» .
وقالا: قال الزهري: خرجت مع قتيبة أريد المصيصة «1» ، فقدمنا على أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، وإذا هو قاعد في إيوان له، وإذا سماطان «2» من الناس على باب الإيوان فإذا أراد حاجة قالها للذي يليه، حتى تبلغ المسألة باب الإيوان، ولا يمشي أحد بين السماطين؛ قال الزهري: فجئنا فقمنا على باب الإيوان؛ فقال عبد الملك للذي عن يمينه: هل بلغكم أي شيء أصبح في بيت المقدس ليلة قتل الحسين بن علي؟ قال: فسأل كلّ واحد منهما صاحبه حتى بلغت المسألة الباب، فلم يرد أحد فيها شيئا. قال الزهري: فقلت: عندي في هذا علم. قال: فرجعت المسألة رجلا عن رجل حتى انتهت إلى عبد الملك. قال: فدعيت، فمشيت بين السماطين، فلما انتهيت إلى عبد الملك سلمت عليه: فقال لي: من أنت؟ قلت: أنا محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، قال: فعرفني بالنسب، وكان عبد الملك طلّابة للحديث، فعرّفته، فقال: ما أصبح ببيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي بن أبي طالب؟ - وفي رواية علي بن عبد العزيز عن إبراهيم بن عبد الله عن أبي معشر عن محمد بن عبد الله بن سعيد بن العاص عن الزهري، أنه قال: الليلة التي قتل في صبيحتها الحسين بن علي؟ - قال الزهري: نعم، حدّثني فلان- لم يسمّه لنا- أنه لم يرفع تلك الليلة التي صبيحتها قتل الحسين بن علي بن أبي طالب، حجر في بيت المقدس إلا وجد تحته دم عبيط «1» .
قال عبد الملك: صدقت، حدّثني الذي حدّثك، وإني وإياك في هذا الحديث لغريبان. ثم قال لي: ما جاء بك؟ قلت: جئت مرابطا. قال: الزم الباب. فأقمت عنده، فأعطاني مالا كثيرا. قال: فاستأذنته في الخروج إلى المدينة، فأذن لي ومعي غلام لي، ومعي مال كثير في عيبة «2» ، ففقدت العيبة، فاتهمت الغلام، فوعدته وتوعّدته، فلم يقرّ لي بشيء. قال: فصرعته وقعدت على صدره، ووضعت مرفقي على صدره، وغمزته «3» غمزة وأنا لا أريد قتله، فمات تحتي.
وسقط في يدي، فقدمت المدينة فسألت سعيد بن المسيب، وأبا عبد الرحمن، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، فكلهم قال: لا نعلم لك توبة!
فبلغ ذلك عليّ بن الحسين، فقال: عليّ به. فأتيته فقصصت عليه القصة، فقال: إنّ لذنبك توبة: ضم شهرين متتابعين، وأعتق رقبة مؤمنة، وأطعم ستين مسكينا. ففعلت.
ثم خرجت أريد عبد الملك وقد بلغه أني أتلفت المال، فأقمت ببابه أياما لا يؤذن لي بالدخول، فجلست إلى معلم لولده، وقد حذق ابن لعبد الملك عنده، وهو يعلّمه ما يتكلم به بين يدي أمير المؤمنين إذا دخل عليه، فقلت لمؤدّبه: ما تأمل من أمير المؤمنين أن يصلك به؛ فلك عندي ذلك على أن تكلّم الصبيّ إذا دخل على أمير المؤمنين، فإذا قال له: سل حاجتك، يقول له: حاجتي أن ترضى عن الزهري. ففعل، فضحك عبد الملك وقال: أين هو؟ قال: بالباب. فأذن لي فدخلت، حتى إذا صرت بين يديه، قلت: يا أمير المؤمنين، حدّثني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين» .












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید