المنشورات

أخبار الوليد

أبو الحسن المدائني قال: كان الوليد أسنّ ولد عبد الملك، وكان يحبه، فتراخى في تأديبه لشدة حبه إياه فكان لحّانا «1» .
وقال عبد الملك: أضرنا في الوليد حبّنا له فلم نوجّهه إلى البادية.
وقال الوليد يوما وعنده عمر بن عبد العزيز: يا غلام، ادع لي صالح. فقال الغلام: يا صالحا! فقال له الوليد: انقص ألفا. فقال له عمر بن عبد العزيز: وأنت يا أمير المؤمنين فزد ألفا!.
وكان الوليد عند أهل الشام أفضل خلفائهم وأكثرهم فتوحا وأعظمهم نفقة في سبيل الله، بنى مسجد دمشق، ومسجد المدينة، ووضع المنابر وأعطى المجذومين «2» حتى أغناهم عن سؤال الناس، وأعطى كل مقعد خادما وكلّ ضرير قائدا، وكان يمر بالبقال فيتناول قبضة فيقول: بكم هذه؟ فيقول: بفلس. فيقول: زد فيها فإنك تربح..
ومرّ الوليد بمعلم كتّاب فوجد عنده صبيّة، فقال: ما تصنع هذه عندك؟ فقال أعلمها الكتابة والقرآن. قال: فاجعل الذي يعلمها أصغر منها سنّا.
وشكا رجل من بني مخزوم دينا لزمه، فقال: نقضه عنك إن كنت لذلك مستحقا. قال: يا أمير المؤمنين، وكيف لا أكون مستحقا في منزلتي وقرابتي؟ قال:
قرأت القرآن؟ قال. لا! قال: ادن مني. فدنا منه؛ فنزع العمامة عن رأسه بقضيب في يده، ثم قرعه «1» به قرعة، وقال لرجل من جلسائه: ضمّ إليك هذا العلج «2» ولا تفارقه حتى يقرأ القرآن. فقام إليه آخر فقال يا أمير المؤمنين، اقض ديني! فقال له:
أتقرأ القرآن؟ قال: نعم. فاستقرأه عشرا من الأنفال وعشرا من براءة؛ فقرأ، فقال:
نعم، نقضي دينك وأنت أهل لذلك.
وركب الوليد بعيرا وحاد يحدو بين يديه، والوليد يقول:
يأيها البكر الذي أراكا ... ويحك تعلم الذي علاكا
خليفة الله الذي امتطاكا ... لم يحب بكر مثل ما حباكا












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید