المنشورات

ولاية سليمان بن عبد الملك

أبو الحسن المدائني قال: ثم بويع سليمان بن عبد الملك في ربيع الأول سنة ست وتسعين.
ومات سنة تسع وتسعين بدابق يوم الجمعة لعشر خلون من صفر، وهو ابن ثلاث وأربعين، وصلى عليه عمر بن عبد العزيز. وكانت ولايته سنتين وعشرة أشهر ونصفا.
ولد سليمان بن عبد الملك بالمدينة في بني حديلة، ومات بدابق من أرض قنسرين وكان سليمان فصيحا جميلا وسيما، نشأ بالبادية عند أخواله بني عبس.
وكانت ولايته يمنا وبركة، افتتحها بخير وختمها بخير: فأما افتتاحه فيها بخير فردّ المظالم وأخرج المسجونين، وبغزاة مسلمة بن عبد الملك الصائفة حتى بلغ القسطنطينية؛ أما ختمها بخير فاستخلافه عمر بن عبد العزيز.
ولبس يوما واعتم بعمامة، وكانت عنده جارية حجازية، فقال لها: كيف ترين الهيئة؟ فقال: أنت أجمل العرب لولا ... قال: عليّ ذلك لتقولنّ. قالت:
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى ... غير أن لا بقاء للإنسان
أنت خلو من العيوب وممّا ... يكره الناس غير أنك فان!
قال: فتنغص عليه ما كان فيه، فما لبث بعدها إلا أياما حتى توفي رحمه الله! وتفاخر ولد لعمر بن عبد العزيز وولد لسليمان بن عبد الملك، فذكر ولد عمر فضل أبيه وخاله، فقال له ولد سليمان: إن شئت أقلّ وإن شئت أكثر؛ فما كان أبوك إلا حسنة من حسنات أبي.
محمد بن سليمان قال: فعل سليمان في يوم واحد ما لم يفعله عمر بن عبد العزيز في طول عمره: أعتق سبعين ألفا ما بين مملوك ومملوكة وبتّتهم- أي كساهم- والبتّ:
الكسوة.
ولد لسليمان: أيوب، وأمه أم أبان بنت الحكم بن العاص، وهو أكبر ولد سليمان وولي عهده، فمات في حياة سليمان، وله يقول جرير:
إنّ الإمام الذي ترجى فواضله ... بعد الإمام وليّ العهد أيّوب
وعبد الواحد، وعبد العزيز، أمهما أم عامر بنت عبد الله بن خالد بن أسيد وفي عبد الواحد يقول القطامي:
أهل المدينة لا يحزنك حالهم ... إذا تخطّأ عبد الواحد الأجل
قد يدرك المتأني بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزّلل «1»
ولما مات أيوب وليّ عهد سليمان بن عبد الملك؛ قال ابن عبد الأعلى يرثيه، وكان من خواصه:
ولقد أقول لذي الشماتة إذ رأى ... جزعي ومن يذق الحوادث يجزع
أبشر فقد قرع الحوادث مروتي ... وافرح بمروتك التي لم تقرع «1»
إن عشت تفجع بالأحبّة كلّهم ... أو يفجعوا بك إن بهم لم تفجع
أيّوب من يشمت بموتك لم يطق ... عن نفسه دفعا وهل من مدفع












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید