المنشورات

المنذر بن محمد

ثم ولي المنذر بن محمد، يوم الأحد لثلاث خلون من ربيع الأول سنة ثلاث وسبعين ومائتين. ومات يوم السبت في غزاة له على ببشتر «7» لثلاث عشرة بقيت من صفر سنة خمس وسبعين ومائتين، وهو ابن ست وأربعين سنة.
وكان أشدّ الناس شكيمة، وأمضاهم عزيمة؛ ولما ولي الملك بعث إليه أهل طليطلة بجبايتهم كاملة، فردّها عليهم وقال: استعينوا بها في حربكم، فأنا سائر إليكم إن شاء الله.
ثم غزا إلى المارق الموتر عمرو بن حفصون، وهو بحصن قامرة فأحدق به بخيله ورجله، فلم يجد الفاسق منفذا ولا متنفّسا، فأعمل الحيلة، ولاذ بالمكر والخديعة، وأظهر الإنابة والإجابة، وأن يكون من مستوطني قرطبة بأهله وولده، وسأل إلحاق أولاده في الموالي: فأجابه الأمير إلى كل ما سأل، وكتب له الأمانات، وقطعت لأولاده الثياب، وخرزت له الخفاف؛ ثم سأل مائة بغل يحمل عليها ماله ومتاعه إلى قرطبة، فأمر الأمير بها، وطلبت البغال ومضت إلى ببشتر وعليها عشرة من العرفاء، وانحل العسكر عن الحصن بعض الانحلال، وعكف القاضي وجماعة من الفقهاء على تمام الصلح فيما حسبوا فلما رأى الفاسق الفرصة، انتهزها؛ ففسق ليلا وخرج، فلقى العرفاء بالبغال، فقتلهم وأخذ البغال، وعاد إلى سيرته الأولى؛ فعقد المنذر على نفسه عقدا أن لا أعطاه صلحا ولا عهدا إلا أن يلقى بيده، وينزل على عهده وحكمه، ثم غزاه الغزاة التي توفى فيها، فأمر بالبنيان والسكنى عليه. وأن يردّ سوق قرطبة عليه؛ فعاجله أجله عن ذلك.













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید