المنشورات

عبد الله بن محمد

ثم تولى عبد الله بن محمد التقي النقي العابد الزاهد، التالي لكتاب الله، والقائم بحدود الله، يوم السبت لثلاث عشرة بقيت من صفر سنة خمس وسبعين ومائتين فبنى الساباط «1» ، وخرج إلى الجامع والتزم الصلاة إلى جانب المنبر حتى أتاه أجله رحمه الله يوم الثلاثاء لليلة بقيت من صفر سنة ثلاثمائة.
وكانت له غزوات، منها غزاة بلى، التي أنست كل غزاة تقدمتها، وذلك أن المرثد ابن حفصون ألّب عليه كور الأندلس، فنزل حصن بلى «2» ، وخرج إليه الأمير عبد الله بن محمد في أربعة عشر ألفا من أهل قرطبة خاصة، وأربعة آلاف من حشمه ومواليه؛ فبرز إليه الفاسق وقد كردس كراديسه «3» في سفح الجبل، وناهضه الأمير عبد الله بجمهور عسكره، فلم يكن لهم فيه إلا صدمة صادقة، أزالوهم بها عن عسكرهم، فلم يقدروا أن يتراجعوا إليه؛ ونظر الفاسق إلى معسكر عبد الله الأمير، فإذا بمدد مقبل مثل الليل، في انحدار السيل. لا ينقطع؛ فخشعت نفسه، وعطف إلى الحصن يظهر إخراج من بقي فيه، فثلم «1» ثلمة وخرج منها في خمسة معه، وقد طار بهم جناح الفرار؛ فلما انتهى ذلك إلى أهل عسكره، ولّوا مدبرين لا يلوي أحد على أحد، فعملت الرماح على أكتافهم، والسيوف في طلى «2» أعناقهم، حتى أفنوهم أو كادوا، وكان منهم جماعة قد افترقوا في عسكر الأمير عبد الله، فقعد الأمير في المظلة وأمر بالتقاطهم، وأن لا يمر أحد على أحد منهم إلا قتله. فقتل منهم ألف رجل صبرا بين يدي الأمير.













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید