المنشورات

قم أقاد الله من أعدائه ... وأحكم النصر لأوليائه

في مبدأ العام الذي من قابل ... أزهق فيه الحقّ نفس الباطل
فكان من رأي الإمام الماجد ... وخير مولود وخير والد
أن احتمي للواحد القهّار ... وفاض من غيظ على الكفّار
فجمع الأجناد والحشودا ... ونفّر السيّد والمسودا
وحشر الأطراف والثّغورا ... ورفض الّلذّة والحبورا «2»
حتى إذا ما وافت الجنود ... واجتمع الحشّاد والحشود
قوّد بدرا أمر تلك الطائفة ... وكانت النفس عليه خائفه
فسار في كتائب كالسّيل ... وعسكر مثل سواد الليل
حتى إذا حلّ على مطنيّه ... وكان فيها أخبث البرّيه «3»
ناصبهم حربا لها شرار ... كأنما أضرم فيها النار
وجدّ من بينهم القتال ... وأحدقت حولهم الرجال
فحاربوا يومهم وباتوا ... وقد نفت نومهم الرّماة
فهم طوال الليل كالطّلائح ... جراحهم تنغل في الجوارح «4»
ثم مضوا في حربهم أيّاما ... حتى بدا الموت لهم زؤاما
لمّا رأوا سحائب المنيّة ... تمطرهم صواعق البليه
تغلغل العجم بأرض العجم ... وانحشدوا من تحت كلّ نجم
فأقبل العلج لهم مغيثا ... يوم الخميس مسرعا حثيثا «1»
بين يديه الرّجل والفوارس ... وحوله الصّلبان والنّواقس
وكان يرجو أن يزيل العسكرا ... عن جانب الحصن الذي قد دمّرا
فاعتاقه بدر بمن لديه ... مستبصرا في زحفه إليه
حتى التقت ميمنة بميسره ... واعتلت الأرواح عند الحنجره
ففاز حزب الله بالعلجان ... وانهزمت بطانة الشيطان
فقتلوا قتلا ذريعا فاشيا ... وأدبر العلج ذميما خازيا
وانصرف الناس إلى القليعة ... فصبّحوا العدوّ يوم الجمعه
ثم التقى العلجان في الطريق ... البنبلونيّ مع الجلّيقي
فأعقدا على انتهاب العسكر ... وأن يموتا قبل ذاك المحضر
وأقسما بالجبت والطاغوت ... لا يهزما دون لقاء الموت «2»
فأقبلوا بأعظم الطّغيان ... قد جلّلوا الجبال بالفرسان
حتى تداعى الناس يوم السبت ... فكان وقتا يا له من وقت
فأشرعت بينهم الرماح ... وقد علا التّكبير والصّياح
وفارقت أغمادها السّيوف ... وفغرت أفواهها الحتوف «3»
والتقت الرجال بالرجال ... وانغمسوا في غمرة القتال
في موقف زاغت به الأبصار ... وقصرت في طوله الأعمار
وهبّ أهل الصبر والبصائر ... فأوعقوا على العدوّ الكافر «4»
حتى بدت هزيمة البشكنس ... كأنّه مختضب بالورس «1»
فانقضّت العقبان والسلالقه ... زعقا على مقدّم الجلالقه «2»
عقبان موت تخطف الأرواحا ... وتشبع السّيوف والرماحا
فانهزم الخنزير عند ذاكا ... وانكشفت عورته هناك
فقتلوا في بطن كلّ وادي ... وجاءت الرّءوس في الأعواد
وقدّم القائد ألف راس ... من الجلاليق ذوي العماس»
فتمّ صنع الله للإسلام ... وعمّنا سرور ذاك العام
وخير ما فيه من السّرور ... موت ابن حفصون به الخنزير
فاتّصل الفتح بفتح ثان ... والنّصر بالنّصر من الرّحمن
وهذه الغزاة تدعى القاضيه ... وقد أتتهم بعد ذاك الداهيه










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید