المنشورات

ثم غزا الإمام دار الحرب ... فكان خطبا يا له من خطب

فحشدت إليه أعلام الكور ... ومن له في النار ذكر وخطر «1»
إلى ذوي الديوان والرايات ... وكلّ منسوب إلى الشامات
وكلّ من أخلص للرّحمن ... بطاعة في السر والإعلان
وكلّ من طاوع بالجهاد ... أو ضمه سرج على الجياد
فكان حشدا يا له من حشد ... من كلّ حرّ عندنا وعبد
فتحسب الناس جرادا منتشر ... كما يقول ربّنا فيمن حشر
ثم مضى المظفّر المنصور ... على جبينه الهدى والنّور
أمامه جند من الملائكه ... آخذة لربّها وتاركه
حتى إذا فوّز في العدوّ ... جنّبه الرحمن كل سو «2»
وأنزل الجزية والدواهي ... على الذين أشركوا بالله
فزلزلت أقدامهم بالرّعب ... واستنفروا من خوف نار الحرب
واقتحموا الشّعاب والمكامنا ... وأسلموا الحصون والمدائنا «3»
فما تبقّى من جناب دور ... من بيعة لراهب أو دير
إلا وقد صيّرها هباء ... كالنار إذ وافقت الأباء «4»
وزعزعت كتائب السّلطان ... بكلّ ما فيها من البنيان
فكان من أوّل حصن زعزعوا ... ومن به من العدوّ أوقعوا
مدينة معروفة بوخشمه ... فغادروها فحمة مسخّمه «1»
ثم ارتقوا منها إلى حواضر ... فغادروها مثل أمس الدابر
ثم مضوا والعلج يحتذيهم ... بجيشه يمشي ويقتفيهم
حتى انتهوا منه لوادي ديّ ... ففيه عفّى الرّشد سبل الغيّ
لمّا التقوا بمجمع الجوزين ... واجتمعت كتائب العلجين
من أهل اليون وبنبلونه ... وأهل أرنيط وبرشلونه «2»
تضافر الكفر مع الإلحاد ... واجتمعوا من سائر البلاد
فاضطربوا في سفح طود عال ... وصففّوا تعبية القتال «3»
فبادرت إليهم المقدّمه ... سامية في خيلها المسوّمه
وردّها متصل بردّ ... يمدّه بحر عظيم المدّ «4»
فانهزم العلجان في علاج ... ولبسوا ثوبا من العجاج «5»
كلاهما ينظر حينا خلفه ... فهو يرى في كلّ وجه حتفه
والبيض في آثارهم والسّمر ... والقتل ماض فيهم والأسر «6»
فلم يكن للنّاس من براح ... وجاءت الرءوس في الرّماح
فأمر الأمير بالتّقويض ... وأسرع العسكر في النّهوض
فصادفوا الجمهور لمّا هزموا ... وعاينوا قوّادهم تخرّموا «7»
فدخلوا حديقة للموت ... إذ طمعوا في حصنها بالفوت
فيا لها حديقة ويا لها ... وافت بها نفوسهم آجالها
تحصّنوا إذ عاينوا الأهوالا ... بمعقل كان لهم عقالا
وصخرة كانت عليهم صيلما ... وانقلبوا منها إلى جهنما «1»
تساقوا يستطعمون الماء ... فأخرجت أرواحهم ظماء
فكم لسيف الله من جزور ... في مأدب الغربان والنّسور «2»
وكم به قتلى من القساوس ... تندب للصّلبان والنّواقس
ثم ثنى عنانه الأمير ... وحوله التّهليل والتّكبير
مصمّما بحرب دار الحرب ... قدّامه كتائب من عرب
فداسها وسامها بالخسف ... والهتك والسّفك لها والنّسف
فحرّقوا ومزّقوا الحصونا ... وأسخنوا من أهلها العيونا
فانظر عن اليمين واليسار ... فما ترى إلا لهيب النار
وأصبحت ديارهم بلاقعا ... فما ترى إلا دخانا ساطعا «3»
ونصر الإمام فيها المصطفى ... وقد شفى من العدوّ واشتفى












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید