المنشورات

وبعدها غزاة ثنتى عشره ... وكم بها من حسرة وعبره

غزا الإمام حوله كتائبه ... كالبدر محفوفا به كواكبه «4»
غزا وسيف النصر في يمينه ... وطالع السعد على جبينه
وصاحب العسكر والتّدبير ... موسى الأغرّ حاجب الأمير «5»
فدمّر الحصون من تدمير ... واستنزل الوحش من الصّخور «6»
فاجتمعت عليه كلّ الأمّه ... وبايعته أمراء الفتنه
حتى إذا أوعب من حصونها ... وحمّل الحقّ على متونها «7»
مضى وسار في ظلال العسكر ... تحت لواء الأسد الغضنفر
رجال تدمير ومن يليهم ... من كلّ صنف يعتزي إليهم
حتى إذا حلّ على تطيله ... بكت على دمائها المطوله
وعظم ما لاقت من العدوّ ... والحرب في الرّواح والغدوّ
فهمّ أن يديخ دار الحرب ... وأن يكون ردأة في الدّرب «8»
ثم استشار ذا النّهى والحجر ... من صحبه ومن رجال الثّغر
فكلّهم أشار أن لا يدربا ... ولا يجوز الجبل المؤشّبا
لأنه في عسكر قد انخرم ... بندب كلّ العرفاء والحشم
وشنّعوا أنّ وراء الفجّ ... خمسين ألفا من رجال العلج
فقال لا بدّ من الدّخول ... وما إلى حاشاه من سبيل
وأن أديخ أرض بنبلونه ... وساحة المدينة الملعونه
وكان رأيا لم يكن من صاحب ... ساعده عليه غير الحاجب
واستنصر الله وعبّى ودخل ... فكان فتحا لم يكن له مثل «1»
لمّا مضى وجاز الدّروبا ... وادّرع الهيجاء والحروبا «2»
عبّى له علج من الأعلاج ... كتائبا غطّت على الفجاج «3»
فاستنصر الإمام ربّ الناس ... ثم استعان بالنّدى والباس
وعاذ بالرّغبة والدعاء ... واستنزل النّصر من السّماء
فقدم القوّاد بالحشود ... وأتبع المدود بالمدود
فانهزم العلج وكانت ملحمه ... جاوز فيها السّاقة المقدّمه «4»
فقتلوا مقتلة الفناء ... فارتوت البيض من الدّماء
ثم أمال نحو بنبلونه ... واقتحم العسكر في المدينه
حتى إذا جاسوا خلال دورها ... وأسرع الخراب في معمورها
بكت على ما فاتها النّواظر ... إذ جعلت تدقّها الحوافر
لفقد من قتّل من رجالها ... وذلّ من أيتم من أطفالها
فكم بها وحولها من أغلف ... تهمي عليه الدمع عين الأسقف «5»
وكم بها حقّر من كنائس ... بدّلت الأذان بالنّواقس
يبكي لها النّاقوس والصّليب ... كلاهما فرض له النّحيب
وانصرف الإمام بالنّجاح ... والنصر والتأييد والفلاح
ثم ثنى الرّايات في طريقه ... إلى بني ذي النّون من توفيقه
فأصبحوا من بسطهم في قبض ... قد ألصقت خدودهم بالأرض «1»
حتى بدوا إليه بالبرهان ... من أكبر الآباء والولدان
فالحمد لله على تأييده ... حمدا كثيرا وعلى تسديده













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید