المنشورات

ثم غزا الإمام ذو المجدين ... في مبتدا عشرين واثنتين

في فيلق مجمهر لهام ... مدكدك الرءوس والآكام «1»
جاب الرّبا لزحفه يجيش ... تجيش في حافاته الجيوش
كأنهم جنّ على سعال ... وكلّهم أمضى من الرّئبال «2»
فاقتحموا ملوندة ورومه ... ومن حواليها حصون حيمه «3»
حتى أتاه المارق التّجيبي ... مستجديا كالتائب المنيب
فخصّه الإمام بالترحيب ... والصّفح والغفران للذّنوب
ثم حباه وكساه ووصل ... بشاحج وصاهل لا يمتثل «4»
كلاهما من مركب الخلائف ... في حلية تعجز وصف الواصف «5»
فقال كن منّا وأوطن قرطبه ... نرقيك فيها في أجلّ مرتبه
تكن وزيرا أعظم الناس خطر ... وقائدا تجبي لنا هذا الثّغر
فقال إني ناقه من علّتي ... وقد ترى تغيّري وصفرتي «6»
فإن رأيت سيّدي إمهالي ... حتى أرمّ
من صلاح حالي ... ثم أوافيك على استعجال
بالأهل والأولاد والعيال
وأوثق الإمام بالعهود ... وجعل الله من الشهود
فقبل الإمام من أيمانه ... وردّه عفوا إلى مكانه
ثم أتته ربّة البشاقص ... تدلي إليه بالوداد الخالص
وأنها مرسلة من عنده ... وجدّها متّصل بجدّه
واكتفلت بكلّ بنبلوني ... وأطلقت أسرى بني ذي النون
فأوعد الإمام في تأمينها ... ونكب العسكر من حصونها
ثم مضى بالعزّ والتمكين ... وناصرا لأهل هذا الدّين
في جملة الرايات والعساكر ... وفي رجال الصبر والبصائر
إلى عدا الله من الجلالق ... وعابدي المخلوق دون الخالق
فدمّروا السهول والقلاعا ... وهتكوا الزّروع والرّباعا
وخرّبوا الحصون والمدائنا ... وأقفروا من أهلها المساكنا
فليس في الدّيار من ديّار ... ولا بها من نافخ للنار
فغادروا عمرانها خرابا ... وبدّلوا ربوعها يبابا «1»
وبالقلاع أحرقوا الحصونا ... وأسخنوا من أهلها العيونا «2»
ثم ثنى الإمام من عنانه ... وقد شفى الشجيّ من أشجانه
وامّن القفار من أنجاسها ... وظهّر البلاد من أرجاسها
انتهت الأرجوزة وكمل كتاب العسجدة الثانية من أخبار الخلفاء











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید