المنشورات

استيحاش السفاح من ابن حسن:

ومما كان خشن قلب أبي العباس حتى أساء بهم الظن، أنه لما بنى مدينة الأنبار دخلها مع أبي جعفر أخيه وعبد الله بن الحسن، وهو يسير بينهما ويريهما بنيانه وما أقام فيها من المصانع والقصور؛ فظهرت من عبد الله بن الحسن فلتة، فجعل يتمثل بهذه الأبيات:
ألم تر جوشنا قد صار يبني ... قصورا نفعها لبني نفيله «2»
يؤمل أن يعمّر عمر نوح ... وأمر الله يحدث كلّ ليله!
قال: فتغير وجه أبي العباس؛ وقال له أبو جعفر: أتراهما ابنيك أبا محمد والأمر إليهما صائر لا محالة؟ قال: لا والله ما ذهبت هذا المذهب ولا أردته، ولا كانت إلا كلمة جرت على لساني لم ألق لها بالا.
فأوحشت تلك الكلمة أبا العباس.
فلما قدم المدينة عبد الله بن الحسن، اجتمع إليه الفاطميون وجعل يفرّق فيهم الأموال التي بعث بها أبو العباس، فعظم بها سرورهم؛ فقال لهم عبد الله ابن الحسن:
فرحتم؟ قالوا: وما لنا لا نفرح بما كان محجوبا عنا بأيدي بني مروان حتى أتى الله بقرابتنا وبني عمنا فأصاروه إلينا؟ قال لهم: أفرضيتم أن تنالوا هذا من تحت أيدي قوم آخرين؟
فخرج الرجل الذي كان وكله أبو العباس بأخبارهم، فأخبره بما سمع من قولهم وقوله؛ فأخبر أبو العباس أبا جعفر بذلك، فزادت الأمور شرّا.













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید