المنشورات

وصية المنصور لابن موسى في حرب بني عبد الله:

ولما وجه المنصور عيسى بن موسى في محاربة بني عبد الله بن الحسن قال: يا أبا موسى، إذا صرت إلى المدينة فادع محمد بن عبد الله بن الحسن إلى الطاعة والدخول في الجماعة؛ فإن أجابك فاقبل منه، وإن هرب منك فلا تتبعه؛ وإن أبى إلا الحرب فناجزه «2» واستعن بالله عليه، فإذا ظفرت به فلا تخيفن أهل المدينة وعمّهم بالعفو؛ فإنهم الأصل والعشيرة، وذرية المهاجرين والأنصار، وجيران قبر النبي صلّى الله عليه وسلم؛ فهذه وصيتي إياك، لا كما أوصى بها يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة حين وجهه إلى المدينة وأمره أن يقتل من ظهر إلى ثنيّة الوداع، وأن يبيحها ثلاثة أيام، ففعل، فلما بلغ يزيد ما فعله تمثل بقول ابن الزبعرى في يوم أحد، حيث قال.
ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل «1»
ثم اكتب إلى أهل مكة بالعفو عنهم والصفح، فإنهم آل الله وجيرانه وسكان حرمه وأمنه، ومنبت القوم والعشيرة، وعظماء البيت والحرم، لا تلحد فيه بظلم؛ فإنه حرم الله الذي بعث منه محمدا نبيه صلّى الله عليه وسلم، وشرف به آباءنا بتشريف الله إيانا؛ فهذه وصيتي، لا كما أوصى به الذي وجّه الحجاج إلى مكة، فأمره أن يضع المجانيق على الكعبة، وأن يلحد في الحرم بظلم، ففعل ذلك، فلما بلغه الخبر تمثل بقول عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
لنا الدنيا ومن أضحى عليها ... ونبطش حين نبطش قادرينا













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید