المنشورات

خلفاء بني العباس وصفاتهم ووزرائهم وحجابهم

أبو العباس السفاح
ولد أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب مستهلّ رجب سنة أربع ومائة.
وبويع له بالكوفة يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
وتوفي بالأنبار لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة، فكانت خلافته أربع سنين وثمانية أشهر.
وأمه ريطة بنت عبد الله بن عبد الله بن عبد المدان، وكان أبيض طويلا أقنى «1» الأنف حسن الوجه حسن اللحية جعدها.
نقش خاتمه: الله ثقة عبد الله وبه يؤمن.
وصلى عليه عمّه عيسى بن علي، ورزق من الولد اثنين: محمد، من أم ولد، ومات صغيرا؛ وابنة سماها ريطة، من أم ولد، تزوجها المهدي وأولدها عليا وعبيد الله.
ووزر له أبو سلمة حفص بن سليمان الخلال؛ وهو أول من لقب بالوزارة، فقتله أبو العباس واستوزر بعده بن برمك إلى آخر أيامه، وكان حاجبه أبو غسان صالح ابن الهيثم، وقاضيه يحيى بن سعيد الأنصاري.
المنصور
وبويع أبو جعفر المنصور. واسمه عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، في اليوم الذي توفي فيه أخوه، لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة.
وكان مولده بالشّراة «2» لسبع خلون من ذي الحجة سنة خمس وتسعين؛ وتوفي بمكة قبل التّروية «3» بيوم، لسبع خلون من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة، وهو محرم، ودفن بالحجون «4» ، وصلى عليه إبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس؛ وكانت مدة خلافته اثنتين وعشرين سنة إلا ثمانية أيام وكانت سنة ثلاثا وستين سنة.
وأمّه أمة اسمها سلامة، وجنسها بربرية؛ وكان أسمر طوالا نحيف الجسم خفيف العارضين يخضب بالسواد، ونقش خاتمه: «الله ثقة عبد الله وبه يؤمن» .
وتزوج أروى بنت منصور الحميرية، وولدت له: محمدا وهو المهدي، وجعفرا وكانت شرطت عليه ألا يتزوج ولا يتسرّى «1» إلا عن أمرها، وكان قد ابتاع جاريته أم علي وجعلها قيّما في داره على أم موسى وأولادها، فحظيت عند أم موسى وسألته التسرّي بها لما رأت من فضلها، فواقعها فأولدها عليا، وتوفي قبل استكمال سنة؛ ثم فاطمة بنت محمد من ولد طلحة بن عبيد الله، فولدت له سليمان وعيسى ويعقوب، ورزق من أمهات الأولاد: صالحا والعالية وجعفرا والقاسم والعباس وعبد العزيز.
ووزر له ابن عطية الباهلي، ثم أبو أيوب المورياني، ثم الربيع مولاه؛ وكان حاجبه عيسى بن روضة مولاه، ثم أبو الحصيب مولاه؛ وكان قاضيه عبد الله بن محمد بن صفوان، ثم شريك بن عبد الله، والحسن بن عمار، والحجاج بن أرطأة.
المهدي
ثم بويع ابنه أبو عبد الله محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، صبيحة اليوم الذي توفي فيه أبوه، لستّ خلون من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة.
وكان مولده بالجميمة يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من جمادي الآخرة سنة ست وعشرين ومائة. وتوفي بماسبذان في المحرّم سنة تسع وستين ومائة، وصلى عليه ابنه الرشيد.
فكانت خلافته عشر سنين وخمسة وأربعين يوما، وكان سنه إحدى وأربعين سنة وثمانية أشهر ويومين.
وكان أسمر طويلا معتدل الخلق جعد الشعر بعينه اليمنى نكتة «2» بياض، نقش خاتمه: «الله ثقة محمد وبه يؤمن» .
وتزوّج ريطة بنت السفاح وأولدها عليا وعبيد الله. وأوّل جارية ابتاعها محياة، فرزق منها ولدا مات قبل استكمال سنة، وكان يبتاع الجواري باسمها وتقربهنّ إليه، وأول من حظي منهنّ عنده رحيم ولدت له العباسة ثم الخيزران فولدت له موسى وهارون والبانوقة، ثم حللة وحسنة، فكانتا مغنيتين محسنتين؛ وتزوج سنة تسع وخمسين ومائة أمّ عبد الله بنت صالح بن علي، أخت الفضل وعبد الله؛ وأعتق الخيزران في السنة وتزوجها.
ووزر له أبو عبد الله معاوية بن عبد الله الأشعري، ثم يعقوب بن داود السلمي، ثم الفيض بن أبي صالح.
واستحجب سلامان الأبرش، واستخلف على القضاء محمد بن عبد الله بن علاثة، وعافية بن يزيد؛ كانا يقضيان معا في مسجد الرصافة.
الهادي
ثم بويع ابنه أبو محمد موسى الهادي بن المهدي؛ مستهلّ صفر سنة تسع وستين ومائة.
وتوفي ليلة الجمعة لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة سبعين ومائة بعيساباذ «1» ؛ وصلى عليه أخوه الرشيد.
وكانت خلافته سنة وشهرين إلا أياما، وكانت سنة ستا وعشرين سنة.
وكان أبيض طويلا جسيما، بشفته العليا تقلّص. نقش خاتمه: «الله ربي» .
وتزوج أمة العزيز فأولدها عيسى، ثم رحيم، فأولدها جعفرا، ثم سعوف فأولدها العباس، واشترى جاريته حسنة بألف درهم- وكانت شاعرة- فرزق منها عدّة بنات، منهم أم عيسى، تزوجها المأمون، وكان له من أمهات الأولاد: عبد الله، وإسحاق وموسى وكان أعمى.
ووزر له الربيع بن يونس، ثم عمر بن بزيع؛ واستحجب الفضل بن الربيع. وولى القضاء: أبا يوسف يعقوب بن إبراهيم، في الجانب الغربي، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي، بالجانب الشرقي.
هارون الرشيد
ثم بويع أخوه أبو محمد هارون الرشيد في اليوم الذي توفي فيه أخوه، يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة سبعين ومائة. وفي هذه الليلة ولد عبد الله المأمون، ولم يكن في سائر الزمان ليلة ولد فيها خليفة وتوفي فيها خليفة وقام فيها خليفة غيرها.
وكان مولد الرشيد في المحرّم سنة ثمان وأربعين ومائة.
وتوفي في جمادي الأولى سنة ثلاث وتسعين ومائة، ودفن بطوس «1» . وصلى عليه ابنه صالح.
فكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة وشهرا وستة عشر يوما، وكانت سنه ستا وأربعين سنة وخمسة أشهر؛ ولما أفضت إليه الخلافة سلم عليه عمه سليمان بن المنصور، والعباس بن محمد عم أبيه، وعبد الصمد بن علي عم جدّه؛ فعبد الصمد عم العباس، والعباس عم سليمان، وسليمان عم هارون.
وكان الرشيد أبيض جسيما طويلا جميلا، وقد وخطه الشيب، نقش خاتمه: لا إله إلا الله. وخاتم آخر: كن من الله على حذر.
وتزوج زبيدة، واسمها أمة العزيز، وتكنى أمّ الواحد، وزبيدة لقب لها؛ وهي ابنة جعفر بن المنصور، أولدها محمدا الأمين؛ ثم مراجل، فأولدها عبد الله المأمون؛ وماردة، أولدها محمدا المعتصم؛ ونادر ولدت له صالحا؛ وشجا؛ ولدت له خديجة ولبابة؛ وسريرة، ولدت محمدا، وبربرية، ولدت له أبا عيسى ثم القاسم، وهو المؤتمن، وسكينة؛ وحث، فولدت له إسحاق وأبا العباس.
ووزر له جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي وقتله، ثم الفضل بن الربيع؛ واستحجب بشر بن ميمون مولاه، ثم محمد بن خالد بن برمك؛ واستخلف على قضاء الجانب الغربي نوح بن دراج، وحفص بن غياث.
الأمين
ثم بويع أبو عبد الله محمد الامين في جمادي الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة.
وقتل يوم الأحد لخمس بقين من المحرّم سنة ثمان وتسعين ومائة.
وكان مولده بالرصافة سنة احدى وسبعين ومائة في شوّال؛ فكانت خلافته أربع سنين وستة أشهر وأياما، ضفا له الامر من جملتها سنتين وشهرا، وكانت الفتنة بينه وبين أخيه سنتين.
وكان طويلا جسيما جميلا حسن الوجه بعيد ما بين المنكبين اشقر سبطا صغير العينين، به أثر جدري، نقش خاتمة: «محمد واثق بالله» .
ورزق من الولد موسى من أمّ ولد تدعى نظم. ولقبه: الناطق بالحق؛ وضرب اسمه على الدراهم.
وذكر الصولي قال: حدثني من قرأ على درهم:
كلّ عز ومفخر ... فلموسى المظفّر
ملك خطّ ذكره ... في الكتاب المسطّر
وماتت نظم فاشتدّ جزعه عليها، فدخلت زبيدة معزية له، فقالت:
نفسي فداؤك لا يذهب بك التلف ... ففي بقائك ممّن قد مضى خلف
عوّضت موسى فكانت كلّ مرزئة ... ما بعد موسى على مفقودة أسف
وبايع لابنه موسى في حياته، ولاخيه عبد الله، وأمّه أمّ ولد، ونقش اسمه أيضا على الدراهم.
وكان لجعفر بن موسى الهادي جارية اسمها بذل، فطلبها الامين منه فأبى عليه، وكان شديد الوجد بها؛ فزاره الامين يوما، فسر به وزاد عليه في الشرب حتى ثمل، فانصرف واخذ الجارية، فلما اصبح جعفر ندم على ما جرى ولم يدر ما يصنع فدخل على الامين، فلما مثل بين يديه، قال له: احسنت والله يا جعفر بدفعك بذل إلينا وما احسنّا. وأقر رزقه على عشرين الف الف درهم.
ووزر للامين الفضل بن الربيع إلى اخر ايامه، وكان حاجبه العباس بن الفضل بن الربيع، ثم علي بن صالح صاحب المصلى، ثم السندي بن شاهك.
المأمون
ثم بويع أبو العباس عبد الله المأمون بن هارون الرشيد بعد قتل أخيه، يوم الخميس لخمس خلون من صفر سنة ثمان وتسعين ومائة، وكان مولده بالياسرية «1» في ليلة الجمعة لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الاول سنة سبعين ومائة.
وتوفي بالبذندون «2» سنة ثماني عشرة ومائتين لثمان خلون من رجب، ودفن بطرسوس «3» ؛ فكانت خلافته عشرين سنة وخمسة اشهر وثلاثة عشر يوما، وكان سنه ثمانيا وأربعين سنة وأربعة اشهر إلا أياما.
وكان أبيض تعلوه شقرة، أجنأ «4» أعين، طويل اللحية رقيقها، ضيق الجبين، بخده خال أسود، وكان قد وخطه «5» الشيب. نقش خاتمة. «سل الله يعطك» .
وكان الرشيد حدّ المأمون. وذلك أنه دخل على الرشيد وعنده مغنية تغنيه، فلحنت، فكسر المأمون عينه عند استماعه اللحن، فتغير لون الجارية، وفطن الرشيد لذلك، فقال: اعلمتها بما صنعت؟ قال: لا والله يا مولاي! قال: ولا أو مأت إليها؟
قال: قد كان ذلك، فقال: كن مني بمرأى ومسمع، فإذا خرج إليك امري فانته اليه.
ثم اخذ دواة وقرطاسا وكتب إليه:
يا آخذ اللحن على آل ... قينة عند الطرب
تريد أن تفهمها ... حدّ لغات العرب
أقسم بالله وما ... سطر أهل الكتب
للكلب خير أدبا ... من بعض أهل الادب
إذا قرأت ما كتبت به اليك، فأمر من يضربك عشرين مقرعة «1» جيادا! فدعا المأمون النوابين ثم امرهم ببطحه وضربه، فامتنعوا، فأقسم عليهم؛ فامتثلوا أمره.
ورزق من الولد محمدا الأصغر، وعبيد الله بن أم عيسى بنت موسى الهادي وتزوج بوران بنت الحسن بن سهل، بنى بها سنة عشر ومائتين، ووهب لابيها عشرة آلاف درهم، ولولده الف الف درهم؛ وكان له عدة اولاد من بنين وبنات ووزر له الفضل بن سهل ذو الرياستين ثم الحسن بن سهل، ثم احمد بن ابي خالد الاحول، ثم احمد بن يوسف، ثم ثابت بن يحيى، ثم محمد بن يزداد، واستحجب عبد الحميد بن شبيب، ثم محمدا وعليا ابني صالح مولى المنصور.
المعتصم بالله
ثم بويع اخوه ابو اسحق المعتصم بن الرشيد يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثماني عشرة ومائتين، وكان مولده في شهر رمضان سنة ثمان وسبعين ومائة.
وتوفي بسرّ من رأى يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الاول سنة سبع وعشرين ومائتين، وصلى عليه ابنه هارون الواثق.
وكانت خلافته ثمان سنين وثمانية أشهر؛ وأمه وأمّ ولد يقال لها ماردة.
وكان ابيض اصهب اللحية طويلها مربوعها مشرب اللون حمرة؛ نقش خاتمة:
«الله ثقة ابي اسحاق بن الرشيد وبه يؤمن» ؛ وكان شديد البأس، حمل بابا من حديد فيه سبعمائة وخمسون رطلا وفوقه عكام «1» فيه مائتان وخمسون رطلا، وخطا خطا كثيرة؛ وكان يسمى ما بين أصبعي المعتصم: المقطرة «2» ، لشدته؛ وانه اعتمد يوما على غلام فدقه، وذكر الصولي أنه كان يسمى المثمّن، وذلك أنه الثامن من خلفائهم.
ومولده سنة ثمان وسبعين ومائة، وولي الامر في سنة ثمان عشرة ومائتين.
ومات وله ثمان وأربعون سنة، وكانت خلافته ثمان سنين وثمانية اشهر؛ ورزق من الولد الذكور ثمانية، ومن الإناث ثمانيا؛ وغزا ثمان غزوات وخلف في بيت ماله ثمانية آلاف دينار، ومن الورق ثمانية آلاف درهم.
ووزر له الفضل بن مروان، ثم أحمد بن عمار، ثم محمد بن عبد الملك الزيات، واستحجب وصيفا مولاه، ثم محمد بن حماد بن دنفش.
الواثق
ثم بويع ابنه أبو جعفر هارون الواثق، صبيحة اليوم الذي توفي فيه ابوه يوم الخميس لاحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الاول سنة سبع وعشرين ومائتين.
وكان مولده يوم الاثنين لعشرة بقين من شعبان سنة ست وتسعين ومائة وتوفي بسرّ من رأى يوم الأربعاء لستّ بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وصلى عليه اخوه المتوكل، فكانت خلافته خمس سنين وتسعة اشهر وثلاثة عشر يوما وكانت سنّه ستا وثلاثين سنة وأربعة اشهر وأياما.
وكان ابيض الى الصفرة، حسن الوجه جسيما، في عينه اليمنى نكتة «1» بياض.
نقش خاتمة: «محمد رسول الله» . وخاتم اخر: «الواثق بالله» .
ورزق من الولد محمد المهتدي، وأمه وأم ولد يقال لها قرب؛ وعبد الله، وأبا العباس أحمد، وأبا اسحق محمدا، وابا اسحق ابراهيم.
ووزر له محمد بن عبد الملك الزيات، وحاجبه اتاح، ثم وصيف مولاه، ثم ابن دنفش؛ وقاضيه ابن أبي داود.
المتوكل
ثم بويع اخوه ابو الفضل جعفر المتوكل يوم الاربعاء لست بقين من ذي الحجة اثنتين وثلاثين ومائتين.
وكان مولده يوم الاربعاء لاحدى عشرة ليلة خلت من شوال سنة ست ومائتين.
وقتل ليلة الاربعاء لثلاث خلون من شوال سنة سبع وأربعين ومائتين، ودفن في القصر الجعفري، وصلى عليه ابنه المنتصر ولي عهده؛ فكانت مدة خلافته اربع عشرة سنة وتسعة اشهر وتسعة ايام؛ وكان سنه أربعين سنة الا ثمانية ايام.
وكان أسمر كبير العينين نحيف الجسم خفيف العارضين. نقش خاتمه: «على إلهي اتكالي» . وكان كثير الولد.
وزر له محمد بن عبد الملك الزيات، ثم محمد بن الفضل الجرجاني، ثم عبيد الله بن يحيى بن خاقان، واستحجب وصيفا التركي، ثم محمد بن عاصم، ثم ابراهيم بن سهل؛ وكان خليفته على القضاء يحيى بن أكثم 
المنتصر
ثم بويع ابنه أبو جعفر محمد المنتصر لاربع خلون من شوال سنة سبع وأربعين ومائتين.
وكان مولده يوم الخميس لست خلون من شهر ربيع الاخر سنة اثنتين وعشرين ومائتين.
ومات ليلة السبت لثلاث خلون من ربيع الاخر سنة. ثمان وأربعين ومائتين.
فكانت خلافته ستة أشهر، وسنه ستة وعشرين سنة إلا ثلاثة أيام.
وكان قصيرا اسمر ضخم الهامة «1» عظيم البطن جسيما، على عينه اليمنى أثر.
نقش خاتمه: «يؤتى الحذر من مأمنه» ، وعلى خاتم آخر: «أنا من آل محمد، الله وليّ ومحمد» .
ورزق من الولد عليا وعبد الوهاب وعبد الله واحمد.
ووزر له احمد بن الخصيب، وحاجبه وصيف، ثم بغا، ثم ابن المرزبان، ثم أوتامش.
المستعين
ثم بويع المستعين أبو العباس احمد بن محمد المعتصم، يوم الاثنين لأربع خلون من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين.
وخلع نفسه- بموافقة المعتز بوساطة أبي جعفر المعروف بابن الكردية- يوم الجمعة لاربع خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين. وكانت خلافته ثلاث سنين وتسعة اشهر.
وكان مولده يوم الثلاثاء لأربع خلون من رجب سنة احدى وعشرين ومائتين.
وقتل بالقادسية بعد خلعه نفسه بتسعة اشهر، وأمه أم ولد يقال لها مخارق.
وكان مربوعا، احمر الوجه، أشقر، مسمنا «1» ، عريض المنكبين، ضخم الكراديس «2» ، خفيف العارضين، بوجهه أثر جدري، ألثغ بالسين، نقش خاتمه: «في الاعتبار غنى عن الاخبار» .
وزر له احمد بن الخصيب فنكبه، وقلد مكانه ابن يزداد، ثم شجاع بن القاسم كاتب أتامش، وأتامش هذا حاجبه، وكانت سنه احدى وثلاثين سنة الا ثمانية ايام.
المعتز
ثم ولى أبو عبد الله بن المتوكل، يوم الجمعة لاربع خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وكانت الفتنة قبل ذلك بينه وبين المستعين سنة.
وقتل عشية يوم الجمعة لليلة خلت من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين.
وكان مولده يوم الخميس لاحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الاخر سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.
وكانت خلافته منذ بويع له، واجتمعت الكلمة عليه ثلاث سنين وستة اشهر وثلاثة وعشرين يوما، ومنذ بايعه أهل سرّ من رأى إلى ان قتل، اربع سنين وستة أشهر وخمسة عشر يوما، وقتله صالح بن وصيف.
وكان أبيض شديد البياض، ربعة «3» ، حسن الجسم، على خده الايسر خال اسود الشعر. نقش خاتمه: «الحمد لله رب كل شيء وخالق كل شيء» .
وزر لهع جعفر بن محمود الإسكافي، ثم عيسى بن فرخان شاه، ثم احمد بن اسرائيل الانباري.
وحاجبه سماء بن صالح بن وصيف. وكان سنه أربعا وعشرين سنة وشهرين وأياما.
المهتدي
ثم بويع المهتدي أبو عبد الله محمد بن الواثق بسرّ من رأى، يوم الاربعاء لليلة بقيت من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين.
كان مولده يوم الاحد لخمس خلون من شهر ربيع الاول سنة تسع عشرة ومائتين. وقتل بسرّ من رأى بسهم لحقه يوم الثلاثاء لأربعة عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست وخمسين ومائتين؛ فكانت خلافته احد عشر شهرا واربعة عشر يوما.
وكانت سنه سبعا وثلاثين سنة وأربعة اشهر وأحد عشر يوما.
وكان أبيض مشربا حمرة، صغير العينين، أقنى الانف، في عارضيه شيب؛ وخضب لما ولي الخلافة. نقش خاتمه: «من تعدّى الحق ضاق مذهبه» .
وزر له ابو ايوب سليمان بن وهب. وحاجبه باك باك.
المعتمد
ثم بويع أبو العباس احمد المعتمد بن المتوكل، يوم الثلاثاء لاربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست وخمسين ومائتين.
وكان مولده يوم الثلاثاء لثمان بقين من المحرم سنة تسع وعشرين ومائتين.
وتوفي ببغداد لاربع عشرة ليلة خلت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين؛
فكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة؛ وكان سنه خمسين وخمسة اشهر واثنين وعشرين يوما.
ومات أخوه ووليّ عهده طلحة الموفق في أيامه، في صفر سنة ثمان وسبعين ومائتين؛ وكان قد غلب على الامر لميل الناس اليه، وكان المعتمد قد عقد لولده جعفر- ولقبه المفوّض- وبعده لابي احمد طلحة الموفق، فاشتد امر الموفق وقتل صاحب الزنج في سنة سبعين ومائتين ومال الناس اليه واسمه الناصر لدين الله وكان يدعي له على المنبر في ايام المعتمد.
وكان الموفق حبس ابنه أبا العباس المعتضد، فلما حضرته الوفاة أطلقه للقيام بالأمر، وأجرى المعتمد امره على ما كان يجري عليه امر ابيه الموفق، وأفرده بولاية العهد، وامر بكتب الكتب لخلع ابنه المفوّض، وأفرد المعتضد بالعهد وجعله الخليفة بعده.
وكان المعتمد اسمر مربوعا نحيف الجسم حسن العينين مدوّر الوجه، على وجهه أثر جدري. نقش خاتمه: «السعيد من كفي بغيره» .
ووزر له عبيد الله بن يحيى بن خاقان، ثم سليمان بن وهب، ثم الحسن بن مخلد، ثم صاعد بن مخلد، ثم أبو الصقر اسماعيل بن بلبل.
حاجبه موسى بن بغا، ثم جعفر بن بغا، ثم بكتمر
المعتضد
بويع المعتضد ابو العباس احمد بن الموفق في رجب سنة تسع وسبعين ومائتين.
وكان مولده في جمادي الآخرة سنة ثلاث واربعين ومائتين، وتوفي ببغداد ليلة الثلاث لسبع بقين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين، وصلى عليه ابو عمر القاضي.
فكانت خلافته تسع سنين وتسعة اشهر وأربعة ايام؛ وكان سنه خمسا وأربعين سنة وتسعة أشهر وأياما.
وأمه ضرار، وكان نحيف الجسم معتدل القامة طويل اللحية اسمر. نقش خاتمه:
«الاضطرار يزيل الاختيار» .
ووزر له عبيد الله بن سليمان بن وهب؛ ثم ابنه القاسم بن عبيد الله.
وحاجبه صالح الأمين
المكتفي
ثم بويع ابنه أبو محمد علي بن المعتضد يوم الثلاثاء لسبع بقين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين.
وكان مولده في رجب سنة أربع وستين ومائتين.
وتوفي ببغداد فدفن عند قبر ابيه ليلة الاحد لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين.
وكانت خلافته ست سنين وستة أشهر وعشرين يوما؛ وكان سنه احدى وثلاثين سنة وأربعة اشهر وأياما.
وأمه جيجق، وقيل خاضع.
وكان ربعة حسن الوجه أسود الشعر وافر اللحية عريضها، ولم يشب إلى ان مات.
نقش خاتمه: «بالله علي بن أحمد يثق» .
وخلّف في بيت ماله [من الذهب] ستة عشر ألف ألف دينار، ومن الورق ثلاثين ألف ألف درهم.
ووزر له القاسم بن عبيد الله، ثم العباس بن الحسن، ثم الحسن بن أيوب.
وحاجبه خفيف السّمرقندي، ثم سوسن مولاه.
المقتدر
ثم بويع المقتدر وهو أبو الفضل جعفر بن المعتضد في اليوم الذي توفي فيه أخوه يوم الاحد لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين وخلع في خلافته دفعتين: الاولى بعد جلوسه بأربعة أشهر وأيام، بابن المعتز، وبطل الامر من يومه؛ والدفعة الثانية بعد احدى وعشرين سنة وشهرين ويومين من خلافته، وخلع نفسه وأشهد عليه، وأجلس القاهر يومين وبعض اليوم الثالث، ووقع الخلف بين العسكرين وعاد المقتدر إلى حاله.
وكان مولده لثمان بقين من شهر رمضان سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
وقتل بالشماسية «1» يوم الأربعاء لثلاث بقين من شوال سنة عشرين وثلاثمائة.
فكانت خلافته خمسا وعشرين سنة الا خمسة عشر يوما، وكانت سنة ثمانيا وثلاثين سنة وشهرا وعشرين يوما.
وكان أبيض مشربا بحمرة، حسن الخلق، ضخم الجسم، بعيد ما بين المنكبين جعد الشعر، مدوّر الوجه، قد كثر الشيب في وجهه.
نقش خاتمه: «الحمد لله الذي ليس كمثله شيء وهو على كل شيء قدير» .
ووزر له العباس بن الحسن، ثم علي بن محمد بن موسى بن الفرات، ثم عبيد الله بن خاقان، ثم ابو الحسن علي بن عيسى بن داود بن الجراح، ثم حامد بن العباس، ثم احمد بن عبيد الله الخصيبي، ثم محمد بن علي بن مقلة، ثم سليمان بن الحسن بن مخلد بن الجراح، ثم عبيد الله بن محمد الكلوذاني، ثم الحسين بن القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب، ثم الفضل بن جعفر بن موسى بن الفرات.
واستحجب سوسنا، مولى المكتفي، ونصرا القشوري، وياقوتا المعتضدي، وإبراهيم ومحمدا، ابني رائق.
القاهر
ثم بويع اخوه ابو منصور محمد القاهر بن المعتضد يوم الخميس لليلتين بقيتا من شوال سنة عشرين وثلاثمائة.
وخلع وسمل «1» يوم الأربعاء لخمس خلون من جمادي الاولى سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.
وكان مولده لخمس خلون من جمادي الاولى سنة سبع وثمانين ومائتين.
وكانت خلافته سنة وستة أشهر وستة ايام وعاش الى ايام المطيع، وكانت سنة.
............ «2»
وكان ربعة أسمر اللون، معتدل القامة، اصهب «3» الشعر.
ووزر له أبو علي محمد بن مقلة، ثم محمد بن القاسم بن عبيد الله، بن أحمد بن عبيد الله الخصيبي.
واستحجب علي بن يلبق مولى يونس، ثم سلامة الطولوني.
الراضي
ثم بويع الراضي ابو العباس احمد بن المقتدر يوم الاربعاء لست خلون من جمادي الاولى سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.
وكان مولده في رجب سنة سبع وتسعين ومائتين.
ومات في بغداد ليلة السبت لأربع عشرة بقيت من شهر ربيع الاول من سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ودفن بالرّصافة.
وكانت خلافته ست سنين وثمانية أشهر وعشرة ايام، وكانت سنة احدى وثلاثين سنة وثمانية أشهر وأياما.
وأمه أم ولد يقال لها ظلوم؛ وكان قصير القامة نحيف الجسم اسود الشعر رقيق السمرة في وجهه طول.
نقش خاتمه: «محمد رسول الله» .
ووزر له ابو علي محمد بن مقلة، ثم ابنه ابو الحسين علي بن محمد، ثم عبد الرحمن ابن عيسى بن داود بن الجراح، ثم محمد بن القاسم الكرخي، ثم سليمان بن الحسن بن محمد بن الجراح، ثم الفضل بن جعفر بن الفرات، ثم ابو عبيد الله احمد بن محمد اليزيديّ.
استحجب محمد بن ياقوت؛ ثم دكيا مولاه.
المتقي
ثم بويع اخوه المتقي ابو اسحاق ابراهيم بن المقتدر، يوم الاربعاء لعشر بقين من شهر ربيع الاول سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.
وخلع وسمل يوم السبت لثمان خلون من صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.
وكان مولده في شعبان سنة سبع وتسعين ومائتين.
وكانت خلافته ثلاث سنين وأحد عشر شهرا إلا أياما
وكان ابيض تعلوه حمرة، اصهب شعر اللحية، كث اللحية، بفكه الادنى عوج نقش خاتمه: «محمد رسول الله» .
ووزر له احمد بن محمد بن ميمون، ثم اليزيدي، ثم سليمان بن الحسن بن مخلد، ثم ابو اسحاق محمد بن احمد القراريطي. ثم محمد بن القاسم الكرخي، ثم احمد بن عبد الله الاصبهاني، ثم علي بن محمد بن مقلة.
واستحجب سلامة مولي خمارويه بن أحمد الطولونيّ، ثم بدرا الخرشني، ثم عبد الرحمن بن أحمد بن خاقان المفلحي.
المستكفي
ثم بويع أبو القاسم عبد الله بن المستكفي في صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة بالسندية «1» عقيب كسوف القمر.
وخلع في شعبان سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، فكانت خلافته سنة واحدة وستة اشهر واياما.
كان مولده مستهل سنتة اثنتين وتسعين ومائتين. وتوفي سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة.
وكانت سنه سبعا وأربعين سنة، وأمّه أم ولد يقال لها غصن، وكان أبيض تعلوه حمرة، ضخم الجسم، تام الطول، خفيف العارضين كبير العينين؛ أشهل «2» ، جهوري الصوت. نقش خاتمه «محمد رسول الله» .
وزر له محمد بن علي السر من رائيّ. واستكتب بعده أبا أحمد الفضل بن عبد الله الشيرازي. واستحجب أحمد بن حاقان.
المطيع
ثم بويع المطيع ابو القاسم الفضل بن المقتدر لسبع بقين من شعبان سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة.
وخلع نفسه ببغداد لسبع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة.
وكان مولده في النصف من ذي القعدة سنة احدى وثلاثمائة وتوفي في ... «1»
فكانت خلافته تسعا وعشرين سنة وثلاثة اشهر وعشرين يوما.
وأمه أم ولد تدعى مشعلة. وكان سنه.... «2» .
وكان شديد البياض أسود شعر الرأس واللحية.
وزر له على بن محمد بن مقلة، والناظر في الامور ابو جعفر الضيمري كاتب احمد بن بويه، ثم استولى على اسم الوزارة؛ وكتب للمطيع الفضل بن عبد الرحمن الشيرازي، ومات، وقام مقامه ابو محمد الحسن بن محمد المهلبي.
وحاجبه عز الدولة بختيار بن معز الدولة.











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید