المنشورات

يوم حوزة الثاني

قال: ثم غزاهم صخر، فلما دنا منهم مضى على الشماء، وكانت غراء محجّلة «2» ، فسوّد غرتها وتحجيلها، فرأته بنت لهاشم، فقالت لعمها دريد: أين الشماء؟ قال: هي في بني سليم، قالت: ما أشبهها بهذه الفرس! فاستوى جالسا فقال: هذه فرس بهيم، والشماء غراء محجلة. وعاد فاضطجع، فلم يشعر حتى طعنه صخر. قال: فثاروا وتناذروا، وولى صخر وطلبته غطفان عامة يومها، وعارض دونه أبو شجرة ابو عبد العزى، وكانت أمه خنساء أخت صخر، وصخر خاله، فردّ الخيل عنه حتى أراح فرسه ونجا إلى قومه، فقال خفاف بن ندبة لما قتل معاوية: قتلني الله إن برحت من مكاني حتى أثأر به فشد على مالك سيد بني جمح فقتله، فقال في ذلك:
فإن تك خيلي قد أصيب صميمها ... فعمدا على عين تيمّمت مالكا «3»
نصبت له علوى وقد خان صحبتي ... لأبني مجدا او لأثأر هالكا «4»
أقول له والرمح يأطر متنه ... تأمّل خفافا، إنني أنا ذلكا «1»
وقال صخر يرثي معاوية، وكان قال له قومه: اهج بني مرة! فقال: ما بيننا أجلّ من القذع [ولو لم أمسك عن سبّهم إلا صيانة للساني عن الخنا «2» لفعلت! ثم خاف أن يظنّ به عيّ] وأنشأ يقول:
وعاذلة هبّت بليل ... ألا لا تلوميني كفى اللوم ما بيا
تقول ألا تهجو فوارس هاشم ... ومالي أن أهجوهم ثم ماليا
أبى الذّمّ أني قد أصابوا كريمتي ... وأن ليس إهداء الخنا من شماليا
إذا ما امرؤ أهدى لميت تحيّة ... فحياك ربّ الناس عني معاويا
وهوّن وجدي أنني لم أقل له ... كذبت، ولم أبخل عليه بماليا
وذي إخوة قطعت أقران بينهم ... كما تركوني واحدا لا أخاليا «3»
وقال في قتل دريد:
ولقد دفعت إلى دريد طعنة ... نجلاء توغر مثل غطّ المنخر «4»
ولقد قتلتكم ثناء وموحدا ... وتركت مرّة مثل أمس الدابر «5»
قال أبو عبيدة: وأما هاشم بن حرملة فإنه خرج منتجعا فلقيه عمرو بن قيس الجشمي فتبعه وقال: هذا قاتل معاوية، لا وألت نفسي إن وأل «6» ! فلما نزل هاشم كمن له عمرو بن قيس بين الشجر، حتى إذا دنا منه أرسل عليه معبلة «7» ففلق قحفه فقتله، وقال في ذلك:
لقد قتلت هاشم بن حرمله ... إذ الملوك حوله مغربله
يقتل ذا الذّنب ومن لا ذنب له










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید