المنشورات

يوم ذات الأثل

قال أبو عبيدة: ثم غزا صخر بن عمرو بن الشريد بن أسد بن خزيمة واكتسح إبلهم، فاتى الصريخ بن اسد، فركبوا حتى تلاحقوا بذات الأثل، فاقتتلوا قتالا شديدا، فطعن ربيعة بن ثور الأسدي صخرا في جنبه، وفات القوم بالغنيمة، وجوى «2» صخر من الطعنة، فكان مريضا قريبا من الحول. حتى مله أهله، فسمع امرأة من جاراته تسأل سلمى امرأته كيف بعلك؟ قالت: لا حيّ فيرجى، ولا ميّت فينسى، لقد لقينا منه الأمرين! وكانت تسأل أمّه: كيف صخر؟ فتقول: أرجو له العافية إن شاء الله! فقال في ذلك:
أرى أمّ صخر لا تملّ عيادتي ... وملّت سليمي مضجعي ومكاني
فأيّ امرىء ساوى بأم حليلة ... فلا عاش إلا في شقا وهوان «3»
وما كنت أخشى أن أكون جنازة ... عليك ومن يغترّ بالحدثان
لعمري لقد نبّهت من كان نائما ... وأسمعت من كانت له أذنان
أهمّ بأمر الحزم لو أستطيعه ... وقد حيل بين العير والنّزوان «4»
فلما طال عليه البلاء وقد نتأت قطعة من جنبه مثل اليد في موضع الطعنة، قالوا له: لو قطعتها لرجونا أن تبرأ. فقال: شأنكم! فقطعوها فمات، فقالت الخنساء أخته ترثيه:
فما بال عيني ما بالها ... لقد أخضل الدمع سر بالها
أمن بعد صخر من ال الشريد ... حلّت به الأرض أثقالها «5»
فآليت أبكي على هالك ... وأسأل نائحة مالها
هممت بنفسي كلّ الهموم ... فأولى لنفسي أولى لها
لأحمل نفسي على آلة ... فإمّا عليها وإمّا لها «6»
وقالت ترثيه:
وقائلة والنّفس قد فات خطوها ... لتدركه: يا لهف نفسي على صخر!
ألا ثكلت أمّ الذين غدوا به ... إلى القبر، ماذا يحملون إلى القبر!













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید