المنشورات

يوم برزة : لكنانة على سليم

قال ابو عبيدة: لما قتلت بنو سليم ربيعة بن مكدم فارس كنانة ورجعوا، أقاموا ما شاء الله، ثم إن ذا التاج، مالك بن خالد بن صخر بن واسم الشريد عمرو، وكانت بنو سليم قد توّجوا مالكا وأمّروه عليهم- فغزا بني كنانة، فأغار على بني فراس ببرزة، ورئيس بني فراس عبد الله بن جذل، فدعا عبد الله إلى البراز، فبرز اليه هند ابن خالد بن صخر بن الشريد، فقال له عبد الله: من أنت؟ قال: أنا هند بن خالد بن صخر، فقال عبد الله: أخوك أسنّ منك. يريد مالك بن خالد، فرجع فأحضر أخاه، فبرز له، فجعل عبد الله بن جذل يرتجز ويقول:
ادنوا بني قرف ... إذا الموت كنع «3»
لا أستغيث بالجزع
ثم شدّ على مالك بن خالد فقتله، فبرز إليه أخوه كرز بن خالد بن صخر، فشدّ عليه عبد الله بن جذل فقتله أيضا، فشدّ عليه أخوهما عمرو بن خالد بن صخر بن الشريد، فتخالفا طعنتين، فجرح كلّ واحد منهما صاحبه وتحاجزا، وكان عمرو قد نهى أخاه مالكا عن غزو بني فراس، فعصاه وانصرف للغزو عنهم، فقال عبد الله بن جذل:
تجنّبت هندا رغبة عن قتاله ... إلى مالك أعشو إلى ضوء مالك «4»
فأيقنت أني ثائر بابن مكدم ... غداة إذ أو هالك في الهوالك
فأنفذته بالرّمح حين طعنته ... معانقة ليست بطعنة باتك «1»
وأثني لكرز في الغبار بطعنة ... علت جلده منها بأحمر عاتك «2»
قتلنا سليما غثّها وسمينها ... فصبرا سليم قد صبرنا لذلك
فإن تك نسواني بكين فقد بكت ... كما قد بكت أمّ لكرز ومالك
وقال عبد الله بن جذل أيضا:
قتلنا مالكا فبكوا عليه ... وهل يغني من الجزع البكاء؟
وكرزا قد تركناه صريعا ... تسيل على ترائبه الدّماء «3»
فإن تجزع لذاك بنو سليم ... فقد- وأبيهم- غلب العزاء
فصبرا يا سليم كما صبرنا ... وما فيكم لواحدنا كفاء «4»
فلا تبعد ربيعة من نديم ... أخو الهلّاك إن ذمّ الشّتاء
وكم من غارة ورعيل خيل ... تداركها وقد حمس اللقاء «5»












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید