المنشورات

يوم فيف الريح

قال أبو عبيدة: تجمعت قبائل مذحج، وأكثرها بنو الحارث بن كعب، وقبائل من مراد وجعفي وزبيد وخثعم، وعليهم أنس بن مدركة، وعلى بني الحارث الحصين، فأغاروا على بني عامر بن صعصعة بفيف الريح، وعلى بني عامر، عامر بن مالك ملاعب الاسنة.
قال: فاقتتل القوم فكثروهم «4» . وارفضت قبائل من بني عامر، وصبرت بنو نمير، فما شبهوا إلا الكلاب المتعاظلة «5» حول اللواء، وأقبل عامر بن الطفيل وخلفه دعيّ بن جعفر، فقال: يا معشر الفتيان، من ضرب ضربة او طعن طعنة فليشهدني فكان الفارس إذا ضرب ضربة او طعن طعنة قال عند ذلك: يا أبا علي! فبينما هو كذلك إذ أتاه مسهر بن يزيد الحارثي، فقال له من ورائه: عندك يا عامر! والرمح عند أذنه، فوهصه- أي طعنه فأصاب عينه- فوثب عامر عن فرسه، ونجا على رجليه، وأخذ مسهر رمح عامر. ففي ذلك يقول عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر:
لعمري وما عمري علي بهيّن ... لقد شان حر الوجه طعنة مسهر
أعاذل لو كان البداد لقوتلوا ... ولكن نزونا بالعديد المجمهر «1»
ولو كان جمع مثلنا لم يبزّنا ... ولكن أتتنا أسرة ذات مفخر «2»
أتونا ببهراء ومذحج كلّها ... وأكلب طرّا في جنان السّنور «3»
وقال مسهر، وزعم أنهم أخذوا امرأة عامر بن الطفيل:
وهصت بخرص الرّمح مقلة عامر ... فأضحى نحيفا في الفوارس أعورا «4»
وغادر فينا رمحه وسلاحه ... وأدبر يدعو في الهوالك جعفرا
وكنّا إذا قيسيّة دهيت بنا ... جرى دمعها من عينها فتحدّرا
مخافة ما لاقت حليلة عامر ... من الشّرّ إذ سربالها قد تعفّرا
قال: وامتنّت بنو نمير على بني كلاب بصبرهم يوم فيف الريح، فقال عامر:
تمنّون بالنعما ولولا مكرنا ... بمنعرج الفيفا لكنتم مواليا
ونحن تداركنا فوارس وحوح ... عشيّة لاقينا الحصين اليمانيا
وحوح: من بني نمير، وكان عامر استنقذهم، وأسر حنظلة بن الطفيل يومئذ.
قال أبو عبيدة: كانت وقعة فيف الريح وقد بعث النبي صلّى الله عليه وسلّم بمكة، وأدرك مسهر ابن يزيد الإسلام فأسلم.











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید