المنشورات

يوم زرود الأول

غزا الحوفزان حتى انتهى إلى زورد خلف جبل من جبالها، فأغاروا على نعم كثير صادر عن الماء لبني عبس، فاحتازوه، وأتى الصريخ بني عبس، فركبوا، ولحق عمارة ابن زياد العبسي الحوفزان فعرفه- وكانت أم عمارة قد أرضعت مضر بن شريك، وهو أخو الحوفزان- فقال عمارة: يا بني شريك، قد علمتم ما بيننا وبينكم! قال الحوفزان، وهو الحارث بن شريك: صدقت يا عمارة، فانظر كل شيء هو لك فخذه! فقال عمارة: لقد علمت نساء بني بكر بن وائل أني لم أملأ أيدي أزواجهن وأبنائهن شفقة عليهن من الموت! فحمل عمارة ليعارض النعم «3» ليردّه، وحال الحوفزان بينه وبين النعم، فعثرت بعمارة فرسه فطعنه الحوفزان، ولحق به نعامة بن عبد الله بن شريك فطعنه أيضا، وقال نعامة: ما كرهت الرمح في كفل «4» رجل قط أشدّ من كفل عمارة! وأسر ابنا عمارة: سنان وشداد، وكان بني عبس رجلان من طيء ابنان لأوس بن حارثة، مجاورين لهم، وكان لهما أخ أسير في بني يشكر، فأصابا رجلا من بني مرة يقال له: معدان بن محرب، فذهبا به فدفناه «5» تحت شجرة، فلما فقدته بنو شيبان نادوا: يا ثارات معدان! فعند ذلك قتلوا ابني عمارة، وهرب الطائيان بأسيرهما فلما برىء عمارة من جراحه أتى طيّا فقال: ادفعوا إليّ هذا الكلب الذي قتلنا به! فقال الطائي لأوس: ادفع إلى بني عبس صاحبهم. فقال لهم أوس:
أتأمرونني أن أعطي بني عبس قطرة من دمي، وإن ابني أسير في بني يشكر؟ فوالله ما أرجو فكاكه إلا بهذا! فلما قفل الحوفزان من غزوه بعث إلى بني يشكر في ابن أوس، فبعثوا به إليه، فافتكّ به معدان.
وقال نعامة بن شريك:
استنزلت رماحنا سنانا ... وشيخه بطخفة عيانا
ثم أخوه قد رأى هوانا ... لمّا فقدنا بيننا معدانا












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید