المنشورات

يوم اللهيماء

قال أبو عبيدة: كان سبب الحرب التي كانت بين عمرو بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل، وبين بني عبد بن عدي بن الدّئل بن بكر بن عبد مناة، أن قيس بن عامر بن غريب أخا بني عمرو بن عدي، وأخاه سالما، خرجا يريدان بني عمرو بن الحارث، على فرسين، يقال لاحدهما اللّعاب، والأخرى عفزر، فباتا عند رجل من بني نفاثة، فقال النفاثي لقيس وأخيه: أطيعاني وأرجعا، لأعرفنّ رماحكما تكسر في قتاد نعمان «7» . قالا: إن رماحنا لا تكسر إلا في صدور الرجال! قال: لا يضركما،
وستحمدان أمري. فأصبحا غاديين، فلما شارفا متن اللهيما من نعمان، وبنو عمرو بن الحارث فويق ذلك، بموضع يقال له أديمة «1» ، أغارا على غنم جندب بن أبي عميس، وفيها جندب، فتقدم إليه قيس، فرماه جندب في حلمة ثديه، وبعجه قيس بالسيف فأصابت ظبة «2» السيف وجه جندب، وخرّ قيس، ونفرت الغنم نحو الدار، فتبعها، وحمل سالم على جندب بفرسه عفزر، فضرب جندب خطم «3» عفزر بالسيف فقطعه، وضربه سالم فاتقاه بيده فقطع أحد زنديه، فخر جندب وذفّف «4» عليه سالم، وأدرك العشي سالما، فخرج وترك سيفه في المعركة، وثوبه بحقويه، لم ينج إلا بجفن سيفه ومئزره، فقال في ذلك حماد بن عامر:
لعمرك ما وفي ابن ابي عميس ... وما خان القتال وما أضاعا
سما بقرابه حتى إذا ما ... أتاه قرنه بذل المصاعا «5»
فإن أك نائبا عنه فإني ... سررت بأنه غبن البياعا
وأفلت سالم منها جريضا ... وقد كلم الذّبابة والذّراعا «6»
ولو سلمت له يمنى يديه ... لعمر أبيك اطعمك السّباعا
وقال حذيفة بن أنس:
ألا بلّغا جلّ السواري وجابرا ... وبلغ بني ذي السهم عنا ويعمرا «7»
كشفت غطاء الحرب لما رأيتها ... تميل على صفو من الليل أكدرا «8»
أخو الحرب إن عضّت به الحرب عضها ... وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا «9»
ويمشي إذا ما الموت كان أمامه ... كذا الشّبل يحمي الانف أن يتأخّرا «1»
نجا سالم والنفس منه بشدقه ... ولم ينج إلا جفن سيف ومئزرا «2»
وطاب عن اللّعاب نفسا وربّه ... وغادر قيسا في المكرّ وعفزرا









مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید