المنشورات

معاوية وأبو بردة وعقيبة:

ونظير هذا قول معاوية لأبي بردة بن أبي موسى، وكان دخل حماما فزحمه رجل، فرفع الرجل يده فلطم بها أبا بردة فأثر في وجهه، فقال فيه عقيبة الأسدي:
فلا يصرم الله اليمين التي لها ... بوجهك يا بن الأشعرين ندوب «4»
قال: فاستعدى عليه معاوية، وقال: إنه هجاني! قال: وما قال فيك؟ قال. فأنشده البيت، قال معاوية: هذا رجل دعا ولم يقل إلا خيرا. قال: فقد قال غير هذا. قال:
وما قال؟ فأنشده:
وأنت امرؤ في الأشعرين مقابل ... وفي البيت والبطحاء أنت غريب «5»
قال معاوية: وإذا كنت مقابلا في قومك فما عليك أن لا تكون مقابلا في غيرهم؟ قال: فقد قال غير هذا. قال: وما قال؟ قال: قال:
وما أنا من حداث أمّك بالضّحى ... ولا من يزكيها بظهر مغيب
قال: إنما قال: ما أنا من حدّاث أمك. فلو قال إنه من حدّاثها لكان ينبغي لك أن تغضب، والذي قال لي أشدّ من هذا. قال: وما قال لك يا أمير المؤمنين؟ قال:
قال:
معاوي إننا بشر فأسجع ... فلسنا بالجبال ولا الحديد «6»
أكلتم أرضنا وجذذتموها ... فهل من قائم أو من حصيد
فهبنا أمة هلكت ضياعا ... يزيد أميرها وأبو يزيد
أتطمع بالخلود إذا هلكنا ... وليس لنا ولا لك من خلود
ذروا جور الخلافة واستقيموا ... وتأمير الأراذل والعبيد «1»
قال: فما منعك يا أمير المؤمنين أن تبعث إليه من يضرب عنقه؟ قال: أفلا خير من ذلك؟ قال: وما هو؟ قال: نجتمع أنا وأنت فنرفع أيدينا إلى السماء وندعو عليه.
فما زاد على أن أزري «2» به.












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید