المنشورات
ابن أبي ربيعة والاحوص ونصيب وكثير
وقدم عمر بن أبي ربيعة المدينة، فأقبل إليه الاحوص ونصيب، فجعلوا يتحدثون، ثم سألهما عمر عن كثيّر عزة، فقالوا: هو ههنا قريب. قال: فلو أرسلنا اليه! قالا: هو أشد بأوا «3» من ذلك! قال: فاذهبا بنا إليه. فقاموا نحوه، فألفوه جالسا في خيمة له، فوالله ما قام للقرشي ولا وسع له، فجعلوا يتحدثون ساعة، فالتفت إلى عمر بن أبي ربيعة، فقال له: إنك لشاعر، لولا أنك تشبّب بالمرأة ثم تدعها وتشبّب بنفسك! أخبرني عن قولك:
ثمّ اسبطرّت تشتدّ في أثري ... تسأل أهل الطّواف عن عمر «4»
والله لو وصفت بهذا هرة اهلك لكان كثيرا، ألا قلت كما قال هذا، يعني الأحوص:
أدور، ولولا أن أرى أمّ جعفر ... بأبياتكم ما درت حيث أدور
وما كنت زوّارا ولكنّ ذا الهوى ... وإن لم يزر لا بدّ أن سيزور
قال: فانكسرت نخوة عمر بن أبي ربيعة ودخلت الاحوص زهوة، ثم التفت إلى الاحوص فقال: أخبرني عن قولك:
فإن تصلي أصلك وإن تبيني ... بهجرك بعد وصلك ما أبالي «1»
أما والله لو كنت حرا لباليت ولو كسر أنفك: ألا قلت كما قال هذا الاسود وأشار إلى نصيب:
بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب ... وقل إن تملّينا فما ملّك القلب
قال: فانكسر الاحوص ودخلت نصيبا زهوة، ثم التفت إلى نصيب فقال له:
أخبرني عن قولك:
أهيم بدعد ما حييت فإن أمت ... فواكبدي من ذا يهيم بها بعدي!
أهمّك ويحك من يفعل بها بعدك؟ فقال القوم: الله أكبر! استوت الفرق قوموا بنا من عند هذا.
مصادر و المراجع :
١- العقد الفريد
المؤلف: أبو عمر،
شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد
ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)
الناشر: دار
الكتب العلمية - بيروت
الطبعة: الأولى،
1404 هـ
14 مايو 2024
تعليقات (0)