المنشورات

قول في الرياض

أنشد أحمد بن جدار للمعلي الطائي:
كأنّ عيون الرّوض يذرفن بالنّدى ... عيون يراسلن الدموع على غدر
وقال البحتري:
شقائق يحملن النّدى فكأنه ... دموع التّصابي في خدود الخرائد «3»
ومن لؤلؤ كالاقحوان منضّد ... على نكت مصفرّة كالفرائد «4»
وقال أيضا:
وقد نبّه النّيروز في غلس الدّجى ... أوائل ورد كنّ بالامس نوّما
يفتّقه برد النّدى فكأنه ... يبثّ حديثا كان قبل مكتّما «5»
ومن شجر ردّ الرّبيع لباسه ... عليها كما نشّرت وشيا منمنما
وقال أعشى بكر:
ما روضة من رياض الحسن معشبة ... خضراء جاد عليها مسبل هطل «6»
يضاحك الشمس فيها كوكب شرق ... مؤزّر بعميم النّبت مكتهل ...
... يوما بأطيب منها نشر رائحة ... ولا بأحسن منها إذ دنا الاصل
وأنشد ابن أبي الطاهر لنفسه:
فتقت جيوب الرّوض منها ديمة ... حلّت عواليها صبا وقبول
ولها عيون كالعيون نواظر ... تبدو فمنها أمرة وكحيل «1»
وقال الاخطل:
خلع الرّبيع على الثّرى من وشيه ... حللا يظلّ بها الثرى يتخيّل
نور إذا مرت الصّبا فيه الندى ... خلت الزّبرجد بالفريد يفصّل «2»
فكأنها طورا عيون كحّل ... وكأنها طورا عيون همّل
وقال أبو نواس:
يوم تقاصر واستتبّ نعيمه ... في ظلّ ملتفّ الحدائق أخضرا
وإذا الرّياح تنسّمت في روضة ... نثرت به مسكا عليك وعنبرا
وأنشد ابن مسهر لابن أبي زرعة الدمشقي يقول:
وقد لبست زهر الرّياض حليّها ... وجللت الأرض الفضا بالزخارف
لجين وعقيان ودر وجوهر ... تؤلّفه أيدي الربيع اللطائف «3»
وأنشد البحتري لنفسه:
قطرات من السحاب وروض ... نثرت وردها عليه الخدود
وكان الحوذان الأقحوان الغضّ ... نظمان: لؤلؤ وفريد «4»
وأنشد ابن جدار للمعلّى:
ترى للندى فيه مجالا كأنما ... نثرت عليه لؤلؤا فتبدّدا
وأنشد ابن الحارثي لنفسه:
وما روضة علويّة أسديّة ... منمنمة زهراء ذات ثرى جعد
سقاها الندى في عقب جنح من الدّجى ... فنوّارها يهتزّ بالكوكب السعد «1»
بأحسن من حرّ تضمّن حاجة ... لحرّ فأوفى بالنجاح مع الوعد
وأنشد محمد بن عمار للحسن بن وهب، يقول:
طللع الربيع على الرياض فبشّرت ... نور الرياض بجدّة وشباب
وغدا السّحاب مكللا جوّ الثرى ... أذيال أسحم حالك الجلباب «2»
فترى السماء أحدّ ربابها ... فكأنما التحفت جناح غراب «3»
وترى الغصون إذا الرياح تناوحت ... ملتفّة كتعانق الأحباب
وقال حبيب بن أوس الطائي:
الروض ما بين مغبوق ومصطبح ... من ريق مكنفلات في الثرى دلح «4»
وطف إذا وكفت في روضة طفقت ... عيون نوّارها تبكي من الفرح «5»
وأنشد البحتري في دمشق:
إذا أردت ملأت العين من بلد ... مستحسن وزمان يشبه البلدا
يمسي السحاب على أجبالها فرقا ... ويصبح النّبت في صحرائها بددا
فلست تبصر إلّا واكفا خضلا ... أو يانعا خضرا أو طائرا غرد «6»
كأنما القيظ ولّى بعد جيئته ... أو الربيع دنا من بعد ما بعدا
وأنشد ابن أبي الطاهر لأشجع:
من الكنائس والارواح مطرد ... للعين يلعب فيه الطرف والبصر «7»
في رقعة من رقاع الارض يعمرها ... قوم على أبويهم أجمعت مضر
وأنشد على بن الجهم لعلّي بن الخليل:
وروضة في ظلال دسكرة ... جداول الماء في جوانبها «1»
تستنّ في روضة منوّرة ... يغرّد الطير في مشاربها
كأنّ فيها الحليّ والحلل اليمنة ... تهدي إلى مرازبها «2»
وقال ابراهيم بن العباس الكاتب:
تأمّل سماء أظلّت عليك ... فيها مصابيحها تزهر
وأرضا تقابلها بالعرو ... س والمرج بينهما جعفر
ومسحب نور غداة الربيع ... أنفاسه المسك والعنبر
خلال شقائقه أصفر ... وأضعاف أصفره أحمر «3»
وللماء مطرد بينه ... يصفّق باديه المصدر
يشارفه البر من جانب ... ومن جانب بحره الاخضر
مجال وحوش ومرقى سفين ... فيا عرف لهو ويا منظر
ويا حسن دنيا ويا عز ملك ... يسوسهما السائس الاكبر
وقال ابن ابي عيينة في بستانه:
يذكّرني الفردوس طورا فأنثني ... وطورا يواتيني إلى القصف والفتك «4»
بغرس كأبكار العذارى وتربة ... كأنّ ثراها ماء ورد على مسك
كأنّ قصور الارض ينظرن حوله ... إلى ملك أوفى على منبر الملك
يدلّ عليها مستطيلا بحسنه ... ويضحك منها وهي مطرقة تبكي
وقال فيه:
يا جنة فاقت الجنان فما ... تبلغها قيمة ولا ثمن
الفتها فاتخذتها وطنا ... لأن قلبي لأهلها وطن
زوّج حيتانها الضباب بها ... فهذه كنّة وذا ختن»
فانظر وفكّر فيما تمرّ به ... إنّ الاريب المفكّر الفطن
من سفن كالنعام مقبلة ... ومن نعام كأنها سفن
وقال الخليل بن أحمد:
يا صاحب القصر نعم القصر والوادي ... بمنزل حاضر إن شئت أو بادي
ترفي به السّفن والظّلمان واقفة ... والنّون والضّبّ والملاح والحادي «2»
وقال اسماعيل بن ابراهيم الحمدوني:
بروضة صبغت أيدي الربيع لها ... برودها وكستها وشيها عدن
عاجت عليها مطايا الغيث مسبلة ... لهنّ في ضحكات أدمع هتن «3»
كأنما البين يبكيها ويضحكها ... وصل حباها به من بعده سكن «4»
فولّدت صفرا أثوابها خضر ... أحشاؤهنّ لاحشإ الندى وطن
من كلّ عسجدة في خدرها اكتتمت ... عذراء في بطنها الياقوت مكتمن
وأنشد عمرو بن بحر الجاحظ:
أين إخواننا على السرّاء ... أين أهل القباب والدّهناء «5»
جاورونا والأرض ملبسة نو ... ر الاقاحي تجاد بالأنواء «6»
كلّ يوم بأقحوان جديد ... تضحك الأرض من بكاء السماء
ومن قولنا في هذا المعنى:
وروضة عقدت أيدي الربيع بها ... نورا بنور وتزويجا بتزويج
بملقح من سواريها وملقحة ... وناتج من غواديها ومنتوج «1»
توشحت بملاة غير ملحمة ... من نورها ورداء غير منسوج
فألبست حلل الموشيّ زهرتها ... وجلّلتها بأنماط الديابيج «2»
ومن قولنا:
وموشيّية يهدي إليك نسيمها ... على مفرق الارواح مسكا وعنبرا
سداوتها من ناصع اللون أبيض ... ولحمتها من فاقع اللون أصفرا «3»
يلاحظ لحظا من عيون كأنها ... فصوص من الياقوت كلّمن جوهرا
ومثله قولنا:
وما روضة بالخرف حاك لها الندى ... برودا من الموشّي حمر الشّقائق
يقيم الدّجى أعناقها، ويميلها ... شعاع الضّحى المستنّ في كلّ شارق
إذا ضاحكتها الشمس تبكي بأعين ... مكّالة الاجفان صفر الحمالق «4»
حكت أرضها لون السماء وزانها ... نجوم كأمثال النجوم الخوافق
... بأطيب نشرا من خلائقه التي ... لها خضعت في الحسن زهر الخلائق











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید