المنشورات

علل القوافي

القافية حرف الرويّ الذي يبنى عليه الشعر، ولا بد من تكريره فيكون في كل بيت، والحروف التي تلزم حرف الرويّ أربعة: التأسيس، والردف، والوصل، والخروج.
فأما التأسيس فألف يكون بينها وبين حرف الروى حرف متحرك بأي الحركات كان، وبعض العرب يسميه الدخيل، وذلك نحو قول الشاعر:
«كليني لهمّ يا أميمة ناصب»
فالألف من «ناصب» تأسيس، والصاد دخيل، والباء رويّ، والياء المتولدة من كسرة الباء وصل.
وأما الردف فإنه احد حروف المدّ واللين، وهي: الياء، والواو، والألف، يدخله قبل حرف الرويّ، وحركة ما قبل الردف بالفتح إذا كان الردف ألفا، وبالضم إذا كان واوا، وبالكسر إذا كان ياء مكسورا ما قبلها، وقد تجتمع الياء والواو في شعر واحد. لأن الضمة والكسرة أختان، كما قال الشاعر:
أجارة بيتينا أبوك غيور ... وميسور ما يرجى لديك عسير
فجاء بغيور مع عسير، ولا يجوز مع الالف غيرها، كما قال الشاعر:
بان الخليط ولو طوّعت ما بانا «1»
وجنس ثالث من الردف، وهو أن يكون الحرف قبله مفتوحا ويكون الردف ياء أو واوا، نحو قول الشاعر:
كنت إذا ما جئته من غيب ... يشمّ رأسي ويشمّ ثوبي
وأما الوصل فهو إعراب القافية وإطلاقها، ولا تكون القافية مطلقة إلا بأربعة أحرب: ألف ساكنة مفتوح ما قبلها من الروي، وياء ساكنة مكسور ما قبلها من الرويّ، وهاء متحركة أو ساكنة مكنية ولا يكون شيء من حروف المعجم وصلا غير هذه الاربعة الاحرف: الالف، والواو، والياء، والهاء المكنية، وإنما جاز لهذه أن تكون وصلا ولم يجز لغيرها من حروف المعجم، لان الالف والياء والواو حروف إعراب ليست أصليات وإنما تتولد مع الإعراب وتشبّهت الهاء بهن لانها زائدة مثلهن، ووجودها يكون خلفا منهن في قولهم: أرقت الماء، وهرقت الماء، وأيا زيد، وهيا زيد، ونحو قول الشاعر:
قد جمعت من أمكن وأمكنه ... من هاهنا وهاهنا ومن هنه
وهو يريد: هنا، فجعل الهاء خلفا من الألف.
وأما الخروج، فإن هاء الوصل إذا كانت متحركة بالفتح تبعتها ألف ساكنة وإذا كانت متحركة بالكسر تبعتها ياء ساكنة، وإذا كانت متحركة بالضم تبعتها واو ساكنة، فهذه الالف والياء والواو يقال لها الخروج، وإذا كانت هاء الوصل ساكنة لم يكن لها خروج، نحو قول الشاعر:
ثار عجاج مستطير قسطله «2»
وأما الحركات اللوازم للقوافي فخمس، وهي: الرس، والحذو، والتوجيه، والمجري، والنفاذ.
فأما الرس ففتحة الحرف الذي قبل التأسيس.
وأما الحذو ففتحة الحرف الذي قبل الردف او ضمته او كسرته.
وأما التوجيه فهو ما وجه الشاعر عليه قافيته من الفتح والضم والكسر، يكون مع الروى المطلق او المقيد إذا لم يكن في القافية ردف ولا تأسيس.
وأما المجري ففتح حرف الروى المطلق او ضمته أو كسرته.
وأما النفاذ فإنه فتحة هاء الوصل أو كسرتها او ضمتها، ولا تجوز الفتحة مع الكسرة، ولا الكسرة مع الضمة، ولكن تنفرد كل حركة منها على حالها.
وقد يجتمع في القافية الواحدة: الرس، والتأسيس، والدخيل، والروي، والمجرى والوصل، والنفاذ، والخروج، كما قال الشاعر:
يوشك من فرّ من منيّته ... في بعض غرّاته يوافقها
فحركة الواو الرس، والالف تأسيس، والفاء دخيل، والقاف رويّ، وحركته المجرى، والهاء هاء الوصل، وحركتها النفاذ، والالف الخروج.
ونحو قول الشاعر:
عفت الدّيار محلّها فمقامها فحركة القاف الحذو، والالف الردف، والميم الرويّ: وحركتها المجرى، والهاء وصل، وحركتها النفاذ، والالف الخروج.
وكل هذه الحروف والحركات لازمة للقافية.










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید