المنشورات

عيوب القوافي

السناد، والإيطاء، والإقواء، والإكفاء، والإجازة، والتضمين، والإصراف.
السناد على ثلاثة أوجه: الأوّل منها اختلاف الحرف الذي قبل الردف بالفتح والكسر نحو قول الشاعر:
ألم تر أنّ تغلب أهل عزّ ... جبال معاقل ما يرتقينا
شربنا من دماء بني تميم ... بأطراف القنا حتى روينا
والوجه الثاني اختلاف التوجيه في الروي المقيد، وهو اجتماع الفتحة التي قبل الروي مع الكسرة والضمة كهيئتها في الحذو، وذلك كقوله:
وقاتم الأعماق خاوي المخترق ... ألّف شتّى ليس بالراعي الحمق
ومثله:
تميم بن مرّة وأشياعه ... وكندة حولي جميعا صبر
إذا ركبوا الخيل واستلأموا ... تخرّقت الارض واليوم قر
والوجه الثالث من السناد أن يدخل حرف الردف ثم يدعه، نحو قول الشاعر:
وبالطوف بالاخيار ما اصطحابه ... وما المرء إلا بالتقلّب والطّوف
فراق حبيب وانتهاء عن الهوى ... فلا تعذليني قد بدا لك ما أخفي
وأمّا القافية المطلقة فليس اختلاف التوجه فيها سنادا.
وأمّا الإقواء والإكفاء فهما عند بعض العلماء شيء واحد، وبعضهم يجعل الإقواء في العروض خاصة دون الضرب، ويجعلون الإكفاء والإيطاء في الضروب دون العروض، فالإقواء عندهم ان ينتقص قوّة العروض فيكون «مفعولن» في الكامل، ويكون في الضرب «متفاعلن» فيزيد العجز على الصدر زيادة قبيحة، فيقال: أقوى في العروض، اي أذهب قوته، نحو قول الشاعر:
لمّا رأت ماء السّلى مشروبا ... والفرث يعصر في الإناء أرنّت «1»
ومثله:
أفبعد مقتل مالك بن زهير ... ترجو النساء عواقب الإطهار
والخليل يسمى هذا المقعر، وزعم يونس أنّ الإكفاء عند العراب هو الإقواء، وبعضهم يجعله تبديل القوافي، مثل أن يأتي بالعين مع الغين، لشبههما في الهجاء، وبالدال مع الطاء، لتقارب مخرجيهما، ويحتج بقول الشاعر:
جارية من ضبّة بن أدّ ... كأنها في ذرعها المنغطّ ... «2»
والخليل يسمى هذا: الإجازة، وأبو عمرو يقول: الإقواء: اختلاف إعراب القوافي بالكسر والضم والفتح، وكذلك هو عند يونس وسيبويه، والإجازة عند بعضهم: اجتماع الفتح مع الضم أو الكسر في القافية، ولا تجوز الإجازة إلا فيما كان فيه الصول هاء ساكنة، نحو قول الشاعر:
الحمد لله الذي ... يعفو ويشتدّ انتقامه
وربّنا ربّهم ... لا يستطيعون اهتضامه
ومثله:
فديت من أنصفني في الهوى ... حتى إذا أحكمه ملّه
أبنّ ما كنت ومن ذا الذي ... قبلي صفا العيش له كلّه
والإكفاء: اختلاف القوافي بالكسر والضم عند جميع العلماء بالشعر، إلا ما ذكر يونس.
وأمّا المضمّن، فهو أن لا تكون القافية مستغنية عن البيت الذي يليها نحو قول الشاعر:
وهم وردوا الجفار على تميم ... وهم أصحاب يوم عكاظ أني «1»
شهدت لهم مواطن صالحات ... تنبّيهم بودّ الصّدر منّي
وهذا قبيح، لان البيت الاول متعلق بالبيت الثاني لا يستغني عنه، وهو كثير في الشعر.
وأما الإيطاء وهو أحسن ما يعاب به الشعر، فهو تكرير القوافي، وكلما تباعد الإيطاء كان أحسن، وليست المعرفة مع النكرة إيطاء، وكان الخليل يزعم أن كل ما اتفق لفظه من الاسماء والافعال، وإن اختلف معناه، فهو إيطاء، لان الإيطاء عنده إنما هو ترديد اللفظتين المتفقتين من الجنس الواحد، إذا قلت للرجل تخاطبه: أنت تضرب، وفي الحكاية عن المرأة: هي تضرب، فهو إيطاء وكذلك في قافية: أمر جلل، وأنت تريد تعظيمه، وهو في قافية أخرى: جلل، وأنت تريد تهوينه- فهو إيطاء.
... حتى إذا كان اسم مع فعل، وإن اتفقا في الظاهر، فليس بإيطاء، مثل اسم يزيد، وهو اسم ويزيد وهو فعل.












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید