المنشورات

أخبار المغنين

أولهم: طويس، وكان في أيام عثمان رضي الله عنه.
طويس وأبان
: حدّثنا جعفر بن محمد قال: لما ولى أبان بن عثمان بن عفان المدينة لمعاوية بن أبي سفيان، قعد في بهو له عظيم، واصطف له الناس، فجاء طويس المغني وقد خضب «1» يديه غمسا، واشتمل على دف له، وعليه ملاءة مصقولة؛ فسلّم ثم قال: بأبي وأمي يا أبان، الحمد لله الذي أرانيك أميرا على المدينة؛ إني نذرت لله فيك نذرا إن رأيتك أن أخضب يدي غمسا وأشتمل على دفي وآتي مجلس إمارتك وأغنيك صوتا! قال:
فقال: يا طويس، ليس هذا موضع ذاك. قال: بأبي أنت وأمي يا بن الطيّب أبحني.
قال: هات يا طويس. فحسر عن ذراعيه وألقى رداءه ومشى بين السماطين «2» وغنى:
ما بال أهلك يا رباب ... خزرا كأنهم غضاب
قال: فصفق أبان بيديه، ثم قام عن مجلسه فاحتضنه وقبّل بين عينيه، وقال:
يلومونني على طويس! ثم قال له: من أسنّ، أنا أو أنت؟ قال: وعيشك لقد شهدت زفاف أمّك المباركة إلى أبيك الطيب! انظر إلى حذقه ورقة أدبه، كيف لم يقل: أمك الطيبة إلى أبيك المبارك.
هو وبكر وسعيد
: وعن الكلبي قال: خرج عمر بن عبد العزيز إلى الحج وهو والي المدينة، وخرج الناس معه؛ وكان فيمن خرج: بكر بن إسماعيل الأنصاري، وسعيد بن عبد الرحمن ابن حسان بن ثابت؛ فلما انصرفا راجعين مرّا بطويس المغني، فدعاهما إلى النزول عنده؛ فقال بكر بن إسماعيل: قد البعير إلى منزلك. فقال له سعيد بن عبد الرحمن:
أتنزل على هذا المخنّث؟ فقال: إنما هو منزل ساعة ثم نذهب. واحتمل طويس الكلام عن سعيد، فأتيا منزله، فإذا هو قد نظفه ونجّده، فأتاهما بفاكهة الشام
فوضعها بين أيديهما، فقال له بكر بن إسماعيل، ما بقي منك يا طويس؟ قال: بقي كلّي يا أبا عمرو! قال: أفلا تسمعنا من بقاياك؟ قال: نعم. ثم دخل خيمته؛ فأخرج خريطة، وأخرج منها دبّا، ثم نقر وغنّى:
يا خليلي نابني سهدي ... لم تنم عيني ولم تكد
كيف تلحوني على رجل ... مؤنس تلتذّه كبدي «1»
مثل ضوء البدر صورته ... ليس بالزّمّيلة النكد «2»
من بني آل المغيرة لا ... خامل نكس ولا جحد «3»
نظرت عيني فلا نظرت ... بعده عين إلى أحد
ثم ضرب بالدف الأرض والتفت إلى سعيد بن عبد الرحمن فقال: يا أبا عثمان، أتدري من قائل هذا الشعر؟ قال: لا. قال: قالته خولة ابنة ثابت عمتك، في عمارة ابن الوليد بن المغيرة! ونهض، فقال له بكر: لو لم تقل ما قلته لم يسمعك ما أسمعك.
وبلغت القصة عمر بن عبد العزيز، فأرسل إليهما فسألهما، فأخبراه؛ فقال: واحدة بأخرى والبادي أظلم.
هو والنعمان بن بشير
: الأصمعي قال: حدّثني رجل من أهل المدينة، قال: كان طويس يتغنى في عرس رجل من الأنصار، فدخل النعمان بن بشير العرس، وطويس يتغنى:
أجدّ بعمرة عتبانها ... فتهجر أم شأننا شانها
وعمرة من سروات النسا ... ء تنفح بالمسك أردانها «4»
فقيل له: اسكت! اسكت لأنّ عمرة أمّ النعمان بن بشير؛ فقال النعمان: إنه لم يقل بأسا، إنما قال:
وعمرة بن سروات النسا ... ء تنفح بالمسك أردانها
هو وابن شريج والدلال ونومة الضحى
: وكان مع طويس بالمدينة، ابن سريج، والدلال، ونومة الضحى؛ ومنه تعلّموا، ثم نجم بعد هؤلاء: سلم الخاسر، وكان في صحبة عبد الله بن عبد الله بن جعفر، وعنه أخذ معبد الغناء، ثم كان ابن أبي السمح الطائي، وكان يتيما في حجر عبد الله بن جعفر، وأخذ الغناء عن معبد، وكان لا يضرب بعود، وإنما يغني مرتجلا، فإذا غنى لمعبد صوتا حققه، ويقول: قال الشاعر فلان، مططه معبد، وخففته أنا. ومن غنائه.
نام صحبي ولم أنم ... لخيال بنا ألمّ
إنّ في القصر غادة ... كحلت مقلتي بدم
معبد والغريض
: وكان معبد والغريض بمكة، ولمعبد أكثر الصناعة الثقيلة.
ولما قدمت سكينة ابنة الحسين عليهما السلام مكة أتاها الغريض ومعبد فغنياها:
عوجي علينا ربّه الهودج ... إنك إلا تفعلي تحرجي «1»
قالت: والله ما لكما مثل إلّا الجدي الحارّ والبارد، لا ندري أيهما أطيب.
الغريض وختان
: قال إسحاق بن إبراهيم: شهد الغريض ختانا لبعض أهله، فقال له بعض القوم:
غنّ. فقال: هو ابن الزانية إن غنّى! قال له مولاه: فأنت والله ابن الزانية، فغنّ.
قال: أكذلك أنا عندك؟ قال: نعم. قال: أنت أعلم. فغن:
وما أنس م الأشياء لا أنس شادنا ... بمكة مكحولا أسيلا مدامعه
تشرّب لون الرازقيّ بياضه ... أو الزعفران خالط المسك رادعه
فلوت الجنّ عنقه فمات. وقال غير إسحاق: بل غنى:
أمن مكتومة الطّلل ... يلوح كأنه خلل
لقد نزلوا قريبا من ... ك لو نفعوك إذ نزلوا
تحاولني لتقتلني ... وليس بعينها حول
ثم نجم ابن طنبورة، وأصله من اليمن، وكان أهزج الناس وأخفهم غناء؛ ومن غنائه:
وفتيان على شرف جميعا ... دلفت لهم بباطية هدور «1»
كأني لم أصد فيهم ببازي ... ولم أطعم بعرصتهم صقوري «2»
فلا تشرب بلا لهو فإنّي ... رأيت الخيل تشرب بالصّفير
ابن طنبورة في مجلس شريف
: ويقال: إنه حضر مجلسا لرجل من الأشراف، إلى أن دخل عليهم صاحب المدينة، فقيل له: غنّ. فغنى:
ويلي من الحييّيه ... ويل ليه! ويل ليه
قد عشّش الحيّة في ... بييتيه بييتيه
فضحك صاحب المنزل ووصله.
ومنهم: حكم الوادي، وكان في صحبة الوليد بن يزيد ويغنى بشعره، ومن غنائه:
خفّ من دار جيرتي ... يا بن داود أنسها
قد دنا الصبح أو بدا ... وهي لم يقض لبسها «3»
فمتى تخرج العرو ... س لقد طال حبسها
خرجت بين نسوة ... أكرم الجنس جنسها
الغزيل
وكان بالشام أيام الوليد بن يزيد، مغنّ يقال له الغزيّل ويكنى أبا كامل، وفيه يقول الوليد بن يزيد:
من مبلغ عنّي أبا كامل ... أني إذا ما غاب كالهابل
ومن غنائه:
امدح الكأس ومن أعملها ... واهج قوما قتلونا بالعطش
إنما الكأس ربيع باكر ... فإذا ما لم نذقها لم نعش
مغنو الرشيد وزامره
وكان لهارون الرشيد جماعة من المغنين، ومنهم ابراهيم الموصلي وابن جامع السهمي، ومخارق؛ وطبقة اخرى دونهم، منهم زلزل، وعمرو الغزال، وعلّوية. وكان له زامر يقال له برصوما. وكان ابراهيم أشدّهم تصرفا في الغناء، وابن جامع احلالهم نغمة.
لرشيد وبرصوما
فقال الرشيد يوما لبرصوما: ما تقول في ابن جامع؟ فقال: يا أمير المؤمنين، وما أقول في العسل الذي من حيثما ذقته فهو طيب؟ قال: فإبراهيم الموصلي؟ قال: هو بستان فيه جميع الثمار والرياحين. قال: فعمرو الغزال؟ قال: هو حسن الوجه يا امير المؤمنين.
ليوسف في المغنين
قال إسحاق: قلت ليوسف: من أحسن الناس غناء؟ قال: ابن محرز، قلت:
وكيف ذلك؟ قال: إن شئت أجملت وإن فصلت. قلت: أجمل. قال: كان يغني كلّ إنسان بما يشتهي، كأنه خلق من قلب كل إنسان.
وكان إبراهيم اول من وقع الإقاع بالقضيب.
المغنون في بيت ابراهيم
وحدث يحيى بن محمد قال: بينا نحن على باب الرشيد ننتظر الإذن، اذ خرج الآذن فقال لنا: أمير المؤمنين يقرئكم السلام! قال: فانصرفنا، فقال لنا إبراهيم: تصيرون إلى منزلي! قال: فانصرفنا معه، قال: فدخلت دارا لم أر اشرف منها ولا أوسع، وإذا أنا بأفرشة خز مظهرة بالسنجاب، قال: فقعدنا، ثم دعا بقدح كبير فيه نبيذ، وقال:
اسقني بالكبير، إني كبير ... إنما يشرب الصغير صغير
ثم قال:
اسقني قهوة بكوب كبير ... ودع المأكلة للحمير
ثم شرب به، وأمر به فملىء وقال لنا: إن الخيل لا تشرب إلا بالصفير! ثم أمر بجوار فأحطن بالدار، فما شبهت أصواتهن إلا بأصوات طير في أجمة «1» يتجاوبن.
المأمون وإسحاق الموصلي
وقال إسحاق بن ابراهيم الموصلي: لما أفضت الخلافة إلى المأمون، أقام عشرين شهرا لم يسمع حرفا من الغناء، ثم كان أول من تغنى بحضرته أبو عيسى، ثم واظب على السماع، وسأل عني فجرّحني عنده بعض من حسدني فقال: ذلك رجل يتيه على الخلافة! فقال المأمون: ما أبقى هذا من التيه شيئا. وأمسك عن ذكري، وجفاني كلّ من كان يصلني، لما ظهر مفقال لي: أتأذن لى اليوم في ذكرك، فإنّي اليوم عنده؟ فقلت: لا، ولكن غنّه بهذا الشعر، فإنه سيبعثه على أن يسألك من أين هذا؟ فينفتح لك ما تريد، ويكون الجواب أسهل عليك من الابتداء. فمضى علوية؛ فلما استقر به المجلس غناه الشعر الذي أمرته به، وهو:
يا مشرع الماء قد سدّت مسالكه ... أما إليك سبيل غير مسدود»
لحائم حار حتى لا حياة له ... مشرّد عن طريق الماء مطرود
فلما سمعه المأمون قال: ويلك! لمن هذا؟ قال: يا سيدي، لعبد من عبيدك جفوته واطرحته! قال: إسحاق! قلت: نعم. قال: ليحضر الساعة. قال إسحاق: فجاءني الرسول، فسرت إليه؛ فلما دخلت قال: ادن. فدنوت؛ فرفع يديه مادّهما؛ فاتكأت عليه؛ فاحتضنني بيديه؛ وأظهر من اكرامي وبرّي ما لو اظهره صديق لي مواس لسرّني.
الرشيد وعبثر
قال: وحدثني يوسف بن عمر المدني قال: حدثني الحارث بن عبيد الله قال:
سمعت إسحاق الموصلي يقول: حضر مسامرة الرشيد ليلة عبثر المغني، وكان فصيحا متأدبا، وكان مع ذلك يغني الشّعر بصوت حسن، فتذاكروا رقة شعر المدنيين، فأنشد بعض جلسائه أبياتا لابن الدمينة حيث يقول:
وأذكر أيام الحمى ثم أنثني ... على كبدي من خشية أن تصدّعا
وليست عشيات الحمى برواجع ... عليك ولكن خلّ عينيك تدمعا
بكت عيني اليمنى فلما زجرتها ... عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
فأعجب الرشيد برقة الابيات، فقال له عبثر: يا أمير المؤمنين؛ إن هذا الشعر مدني رقيق، قد غذي بماء العقيق، حتى رق وصفا، فصار أصفى من الهواء، ولكنن سوء رأيه، فأضرّ ذلك بي، حتى جاءني يوما علّوية،إن شاء أمير المؤمنين أنشدته ما هو أرق من هذا وأحلى، وأصلب وأقوى، لرجل من أهل البادية. قال: فإني أشاء. قال: وأترنم به يا أمير المؤمنين قال: وذلك لك. فغنى لجرير:
إنّ الذين غدوا بلبّك غادروا ... وشلا بعينك لا يزال معينا
غيّضن من عبراتهنّ وقلن لي ... ماذا لقيت من الهوى ولقينا
راحوا العشيّة روحة مذكورة ... إن حرن حرنا أو هدين هدينا
فرموا بهنّ سواهما عرض الفلا ... إن متن متنا أو حيين حيينا
قال: صدقت يا عبثرة! وخلع عليه واجازه.
زرياب
وكان لابراهيم الموصلي عبد أسود يقال له زرياب، وكان مطبوعا على الغناء علمه ابراهيم؛ وكان ربما حضر به مجلس الرشيد يغني فيه، ثم إنه انتقل إلى القيروان، إلى بني الاغلب، فدخل على زيادة الله بن الاغلب، فغناه بأبيات عنترة الفوارس، حيث يقول:
فان تك أمّي غرابية ... من أبناء حام بها عبتني
فإني لطيف ببيض الظّبا ... وسمر العوالي إذا جئتني
ولولا فرارك يوم الوغى ... لقدتك في الحرب أوقدتني
فغضب زيادة الله، فأمر بصفع قفاه واخراجه، وقال له: إن وجدت في شيء من بلدي بعد ثلاثة ايام ضربت عنقك! فجاز البحر إلى الاندلس، فكان عند الامير عبد الرحمن بن الحكم.
قند
وكان في المدينة في الصدر الاول مغنّ يقال له قند، وهو مولى سعد بن أبي وقاص، وكانت عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها تستظرفه، فضربه سعد، فحلفت عائشة لا تكلمه حتى يرضى عنه قند، فدخل عليه سعد وهو وجع من ضربه، فاسترضاه، فرضي عنه، وكلمته عائشة.
هو ومروان بن الحكم
وكان معاوية يعقب بين مروان بن الحكم وسعيد بن العاص على المدينة: يستعمل هذا سنة وهذا سنة؛ وكانت في مروان شدة وغلظة، وفي سعيد لين عريكة وحلم وصفح؛ فلقي مروان بن الحكم قندا المغني، وهو معزول عن المدينة وبيده عكازة؛ فلما رآه قال:
قل لقند يشيّع الاظعانا ... ربّما سرّ عيننا وكفانا
قال له قند: لا إله إلا الله، ما اسمجك واليا ومعزولا.
ابن عائشة والحسن
وروي ابن الكلبي عن أبيه قال: كان ابن عائشة من احسن الناس غناء، وأنبههم فيه، وأضيقهم خلقا، إذا قيل له غنّ، يقول: أو لمثلي يقال هذا؟ عليّ عتق رقبة إن غنيت يومي هذا! فإن غنى وقيل له احسنت، قال: لمثلي يقال أحسنت؟ عليّ عتق رقبة إن غنيت سائر يومي هذا. فلما كان في بعض الايام سال وادي العقيق، فجاء بالعجب، فلم يبق بالمدينة مخبّأة ولا شابة ولا شاب ولا كهل إلا خرج يبصره، وكان فيمن خرج ابن عائشة المغني، وهو معتجر «1» بفضل ردائه؛ فنظر إليه الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم السلام- وكان فيمن خرج إلى العقيق- وبين يديه أسودان كأنهما ساريتان «2» يمشيان بين يديه أمام دابته؛ فقال لهما: أنتما حرّان لوجه الله إن تفعلا ما آمركما به ولم أقطعكما إربا إربا؛ اذهبا إلى ذلك الرجل المعتجر بفضل ردائه، فخذا بضبعيه «3» فإن فعل ما آمره به وإلا فاقذفا به في العقيق! قال: فمضيا والحسن يقفوهما، فلم يشعر ابن عائشة إلا وهما آخذان بضبعيه؛ فقال: من هذا؟ فقال له الحسن: أنا هذا يا بن عائشة! قال: لبيك وسعديك، وبأبي أنت وأمي! قال: اسمع مني ما أقول، واعلم انك مأسور في أيديهما وهما حرّان [وقد أقسمت] إن لم تغنّ مائة صوت أن يطرحاك في العقيق وهما حرّان، وإن لم يفعلا ذلك لأقطعنّ أيديهما! فصاح ابن عائشة: واويلاه! وأعظم مصيبتاه! قال دع من صياحك وخذ فيما ينفعنا.
قال: اقترح وأقم من يحصي! وأقبل يغني، فترك الناس العقيق وأقبلوا عليه، فلما تمت أصواته مائة، كبّر الناس بلسان واحد تكبيرة واحدة ارتجت لها أقطار المدينة، وقالوا للحسن: صلّى الله على جدّك حيا وميتا؛ فما اجتمع لاهل المدينة؛ وقالوا للحسن:
صلى الله على جدّك حيا وميتا؛ فما اجتمع لاهل المدينة سرور قط إلا بكم أهل البيت! فقال الحسن إنما فعلت هذا بك يابن عائشة لاخلاقك الشّكسة! قال له ابن عائشة: والله ما مرت عليّ مصيبة أعظم منها، لقد بلغت اطراف أعضائي. فكان بعد ذلك إذا قيل له: ما أشدّ ما مر عليك؟ قال: يوم العقيق.
ابن المهدي
وكان ابراهيم بن المهدي- وهو الذي يقال له ابن شكلة- داهيا عاقلا عالما بأيام الناس شاعرا مفلقا، وكان يصوغ فيجيد.
مخالفته على المأمون
ويروى عن ابراهيم انه قد كان خالف على المأمون ودعا إلى نفسه، فظفر به المأمون فعفا عنه، وقال: لما ظفر به المأمون:
ذهبت من الدّنيا كما ذهبت مني ... هوى الدهر بي عنها وأهوى بها عني
فإن أبك نفسي أبك نفسا عزيزة ... وإن أحتبسها أحتبسها على ضنّ «1»
هو والمأمون
فلما فتحت له أبواب الرضا من المأمون، غنى بهما بين يديه؛ فقال له المأمون:
أحسنت والله يا أمير المؤمنين! فقام ابراهيم رهبة من ذلك، وقال: قتلتني والله يا امير المؤمنين! لا والله إن جلست حتى تسمّيني باسمي. قال: اجلس يا ابراهيم. فكان بعد ذلك آثر الناس عند المأمون: ينادمه ويسامره ويغنّيه.
قصة يرويها للمأمون
فحدثه يوما فقال: بينا انا مع أبيك يا أمير المؤمنين بطريقة مكة، إذ تخلفت عن الرفقة وانفردت وحدي، وعطشت وجعلت اطلب الرفقة، فأتيت إلى بئر، فإذا حبشي نائم عندها، فقلت له: يا نائم، قم فاسقني! فقال: إن كنت عطشان فانزل واستق لنفسك. فخطر صوت ببالي، فترنمت به وهو:
كفّناني إن متّ في درع أروى ... واسقياني من بئر عروة ماء «1»
فلما سمع قام نشيطا مسرورا، وقال: والله هذه بئر عروة، وهذا قبره! فعجبت يا امير المؤمنين لما خطر ببالي في ذلك الموضع، ثم قال: أسقيك على أن تغنّيني؟ قلت:
نعم، فلم أزل أغنيه وهو يجبذ «2» الحبل، حتى سقاني وأروى دابّتي، ثم قال: أدلك على موضع العسكر على أن تغنّيني؟ قلت: نعم. فلم يزل يعدو بين يدي وأنا اغنيه حتى أشرفنا على العسكر، فانصرف؛ وأتيت الرشيد فحدثته بذلك، فضحك. ثم رجعنا من حجّنا، فإذا هو قد تلقاني وأنا عديل الرشيد، فلما رآني قال: مغنّ والله! قيل له: أتقول هذا لاخي أمير المؤمنين؟ قال اي لعمر الله، لقد غناني! وأهدى إليّ أقطا «3» وتمرا، فأمرت له بصلة وكسوة، وأمر له الرشيد بكسوة أيضا. فضحك المأمون، وقال: غنّي الصوت. فغنيته فافتتن به، فكان لا يقترح عليّ غيره.
وكان مخارق وعلّوية قد حرّفا القديم كله وصيّرا فيه نغما فارسية؛ فإذا أتاهما الحجازي بالغناء الاول الثقيل، قالا: يحتاج غناؤك إلى فصاده! واسم علوية: يوسف مولى لبني امية.
وكان زلزل أضرب الناس للوتر، لم يكن قبله ولا بعده مثله، ولم يكن يغني، وإنما كان يضرب على ابراهيم وابن جامع وبرصوما. ومن غنائه في المأمون:
ألا إنما المأمون للناس عصمة ... مميّزة بين الضلالة والرّشد
رأى الله عبد الله خير عباده ... فملّكه، والله أعلم بالعبد
القيني وبعض المغنين على باب يزيد
حدث سعيد بن محمد العجلي عن الاصمعي قال: كان أبو الطمحان القيني، وهو حنظلة بن الشرقي شاعرا مجيدا، وكان مع ذلك فاسقا، وكان قد انتجع يزيد بن عبد الملك، فطلب الإذن عليه أياما فلم يصل، فقال لبعض المغنين: ألا أعطيك بيتين من شعري تغني بهما أمير المؤمنين، فإن سألك من قائلهما فأخبره أني بالباب، وما رزقني الله منه فهو بيني وبينك! قال: هات. فأعطاه هذين البيتين:
يكاد الغمام الغرّ يرعد إن رأى ... محيّا ابن مروان وينهل بارقه
يظلّ فتيت المسك في رونق الضّحى ... تسيل به أصداغه ومفارقه «1»
قال: فغني بهما في وقت أريحيّته، فطرب لهما طربا شديدا، وقال: لله در قائلهما! من هو؟ قال: ابو الطمحان القيني، وهو بالباب يا أمير المؤمنين. قال: وما قصة الدير؟ قال: قيل لابي الطمحان: ما أيسر ذنوبك؟ قال ليلة الدير! قيل له: وما ليلة الدير؟ قال: نزلت ذات ليلة بدير نصرانية، فأكلت عندها طفيشلا «2» بلحم خنزير، وشربت من خمرها، وزنيت بها، وسرقت كساءها، ومضيت؛ فضحك يزيد وأمر له بألفي درهم، وقال: لا يدخل علينا! فأخذها أبو الطمحان وانسلّ بها، وخيّب المغنّي.
المسدود وزنين ودبيس
أبو جعفر البغدادي قال: حدثني عبد الله بن محمد كاتب بغا عن أبي عكرمة قال:
خرجت يوما إلى المسجد الجامع ومعي قرطاس لا كتب فيه بعض ما استفيده من العلماء، فمررت بباب أبي عيسى بن المتوكل فإذا ببابه المسدود، وكان من احذق الناس بالغناء، فقال: أين تريد يا أبا عكرمة؟ قلت إلى المسجد الجامع، لعلي أستفيد فيه حكمة أكتبها. فقال: أدخل بنا على أبي عيسى. قال: فقلت: مثل أبي عيسى في قدره وجلالته يدخل عليه بغير إذن! قال: فقال للحاجب: اعلم الامير بمكان أبي عكرمة. قال: فما لبث إلا ساعة حتى خرج الغلمان يحملوني حملا؛ فدخلت إلى دار لا والله ما رأيت احسن منها بناء، ولا اظرف فرشا، ولا صباحة وجوه؛ فحين دخلنا نظرت إلى أبي عيسى، فلما أبصرني قال لي: ما يعيش من يحتشم! اجلس، فجلست، فقال: ما هذا القرطاس بيدك؟ قلت: يا سيدي حملته لاستفيد فيه شيئا، وأرجو أن أدرك حاجتي في هذا المجلس. فمكثنا حينا، ثم أتينا بطعام ما رأيت أكثر منه ولا احسن، فأكلنا؛ وحانت مني التفاتة، فإذا أنا بزنين ودبيس؛ وهما من أحذق الناس بالغناء، قال: فقلت: هذا مجلس قد جمع الله فيه كلّ شيء مليح. قال: ورفع الطعام وجيء بالشراب؛ وقامت جارية تسقينا شرابا ما رأيت أحسن منه، في كل كأس لا أقدر على وصفها؛ فقلت: أعزك الله، ما أشبه بقول ابراهيم بن المهدي يصف جارية بيدها خمر:
حمراء صافية في جوف صافية ... يسعى بها نحونا خود من الحور «1»
حسناء تحمل حسناوين في يدها ... صاف من الرّاح في صافي القوارير «2»
وقد جلس المسدود وزنين ودبيس، ولم يكن في ذلك الزمان أحذق من هؤلاء الثلاثة بالغناء؛ فابتدأ المسدود فغنّى:
لما استقلّ بأرداف تجاذبه ... واخضرّ فوق حجاب الدرّ شاربه «3»
وتمّ في الحسن والتامت محاسنه ... ومازجت بدعا فيها غرائبه
وأشرق الورد في نسرين وجنته ... واهتزّ أعلاه وارتجّت حقائبه «1»
كلمته بجفون غير ناطقه ... فكان من ردّه ما قال حاجبه
ثم سكت، فغنى زنين:
الحبّ حلو أمرّته عواقبه ... وصاحب الحبّ صبّ القلب ذائبه «2»
أستودع الله من بالطّرف ودّعني ... يوم الفراق ودمع العين ساكبه
ثم انصرفت وداعي الشوق يهتف بي ... ارفق بقلبك قد عزّت مطالبه
وقال:
وعاتبته دهرا فلما رأيته ... إذا ازداد ذلا جانبي عز جانبه
عقدت له في الصدر منّي مودّة ... وخلّيت عنه مبهما لا أعاتبه
ثم سكت، فغنى دبيس:
بدر من الإنس حفّته كواكبه ... قد لاح عارضه واخضرّ شاربه
إن يوعد الوعد يوما فهو مخلفه ... أو ينطق القول يوما فهو كاذبه
عاطيته كدم الاوداج صافية ... فقام يشدو وقد مالت جوانبه «3»
قال أبو عكرمة: فعجبت أنهم غنّوا بلحن واحد وقافية واحدة.
قال أبو عيسى: يعجبك من هذا شيء يا أبا عكرمة؟ فقلت: يا سيدي المنى دون هذا. ثم إن القوم غنّوا على هذا إلى انقضاء المجلس: إذا ابتدأ المسدود تبعه الرجلان بمثل ما غنى؛ فكان مما غنى المسدود:
يا دير حنّة من ذات الأكيراح ... من يصح عنك فإني لست بالصّاحي «4»
يعتاده كل محفيّ مفارقه ... من الدّهان عليه سحق أمساح
ما يدلفون إلى ماء بآنية ... إلّا اغترافا من الغدران بالرّاح
ثم سكت فغنى زنين:
دع البساتين من آس وتفّاح ... واعدل هديت إلى ذات الأكيراح
واعدل إلى فتية ذابت لحومهم ... من العبادة إلّا نضو أشياح
وخمرة عتّقت في دنّها حقبا ... كأنها دمعة في جفن سيّاح «1»
ثم سكت فغنى دبيس:
لا تحفلنّ بقول اللائم اللّاحي ... واشرب على الورد من مشمولة الراح
كأسا إذا انحدرت في حلق شاربها ... أغناك لألاؤها عن كلّ مصباح
ما زلت أسقي نديمي ثم ألثمه ... والليل ملتحف في ثوب سيّاح
فقام يشدو وقد مالت سوالفه ... يا دير حنّة من ذات الأكيراح
ثم ابتدأ المسدود فغنى:
باحورار العين والدّعج ... واحمرار الخدّ في الضّرج «2»
وبتفّاح الخدود وما ... ضمّ من مسك ومن أرج
كن رقيق القلب إنك من ... قتل من يهواك في حرج
ثم سكت وغنى زنين:
كسرويّ التّيه معتدل ... هاشميّ الدّلّ والغنج
وله صدغان قد عطفا ... ببياض الخدّ كالسّبح «3»
وإذا ما افتر مبتسما ... أطلق الاسرى من المهج
ما لما بي من من فرج ... لا ابتلاني الله بالفرج
ثم سكت وغنى دبيس:
تعمل الأجفان بالدّعج ... عمل الصهباء بالمهج
بأبي ظبي كلفت به ... واضح الخدّين والفلج
مرّ بي في زيّ ذي خنث ... بين ذات الضّال من أمج «1»
قلت قلبي قد فتكت به ... قال ما في الدّين من حرج
ثم سكت وغنى المسدود:
ما يبالي اليوم ما صنعا ... من بقلبي يبدع البدعا
كنت ذا نسك وذا ورع ... فتركت النّسك والورعا
كم زجرت القلب عنك فلم ... يضغ لي بوما ولا نزعا
لا تدعني للهوى غرضا ... إنّ ورد الموت قد شرعا
ثم سكت وغنى دبيس:
اسقني كأسا مصرّدة ... إنّ الليل قد طلعا «2»
قد شربت الحبّ شرب فتى ... لم يدع في كأسه جرعا
ثم ابتدأ أيضا دبيس فغنى:
يقولون في البستان للعين لذة ... وفي الخمر والماء الذي غير آسن «3»
إذا شئت أن تلقي المحاسن كلّها ... ففي وجه من تهوى جميع المحاسن
فغضب المسدود لما قطع عليه دبيس، وقال: غن على غير هذه القافية واللحن، ثم نرجع إلى حالنا الاولى: فقال ابو عكرمة: قد أصبت. فابتدأ المسدود فغنى:
أدعوك من قلبي إذا لم أرك ... يا غاية الطرف إذا أبصرك
قضى لك الله فسبحان من ... أحلك القلب ومن قدّرك
لست بناسيك على حالة ... يا ليت ما يذكرني ذكّرك
صيّرني الله على ما أرى ... منك من الهجر ما صبّرك
قال: فقال زنين: وأنا فلابد أن أسلك سبيلكما. قال أبو عكرمة: ثم التفت إلي فقال: ما ترى؟ فقلت. أحسنت والله. فابتدأ يغني:
يا هائم القلب عاص من عذلك ... ما نلت ممن هويته أملك
دعاك داعي الهوى بخدعته ... حتى إذا ما أحببته خذلك
فاحتل لداء الهوى وسطوته ... إنك إن لم تداوه قتلك
ثم ابتدأ المسدود يغني:
شققت جيبي عليك شقا ... وما لجيبي أردت شقا
أردت قلبي فصادفته ... يداي بالجيب قد توقى
مالك رقّي أبيت عتقي ... لولاك ما كنت مسترقا
ثم سكت وغنى زنين:
قد ذبت شوقا ومتّ عشقا ... يا زفرات المحبّ رفقا
ثكلت نفسي وزرت رمسي ... إن كنت للهجر مستحقا
ثم سكت وغنى دبيس:
ظمئت شوقا وبحر عشقي ... يفيض عذبا ولست أسقي
أنا الذي صرت من غرامي ... على فراش السّقام ملقى
فمن زفير ومن شهيق ... ومن دموع تجود سبقا
ثم ابتدأ المسدود فغنى:
ماذا على نجل العيون لو أنهم ... أوموا إليك فسلموا أو عرّجوا «1»
أمنوا مقاساة الهموم وأيقنوا ... أنّ المحبّ إلى الاحبّة يدلج
ثم سكت وغنى دبيس:
هيّا فقد بدأ الصّباح الأبلج ... والشمس والبدر في خدّيك والضّرج «1»
الدر ثغرك لولا ان ذا برد ... والحبر صدغك لولا ان ذا سبج
انضجت قلبي ولو أن الورى لقيت ... قلوبهم منك ما لاقيت ما لهجوا «2»
ثم سكت وابتدأ المسدود فغنى:
يا صاحب المقل المراض ... انظر إليّ بعين راض
إن تجفني متعمّدا ... لتذيقني جرع الحياض «3»
فلطالما امكنتني ... منك المراشف عن تراض «4»
ثم سكت وغنى زنين:
هائم مدنف من الإعراض ... لا سبيل له إلى الإغماض
موثق النوم مطلق الدمع ما يعر ... ف ملجا من الحتوف القواضي
ما يرى جسمه سوى لحظات ... أمرضته من العيون المراض
كن ساخطا واظهر بأنّك راض ... لا تبدين تكرّه الإعراض
وانظر إليّ بمقلة غضبانة ... إن كنت لم تنظر بمقلة راض
وارحم جفونا ما تجفّ من البكا ... في ليلة مسلوبة الإغماض
واحكم فديتك بين جسمي والهوى ... فالحكم منك على الجوارح ماض
ثم ابتدأ المسدود فغنى:
يا ذا الذي حال عن العهد ... ومن يراني منه بالصدّ «5»
بسمرة الخال وما قد حوى ... من حمرة في سالف الخد
إلا تعطفت على عاشق ... منفرد بالبثّ والوجد «1»
ثم سكت وغنى زنين:
أظلّ بكتمان الهوى وكأنما ... ألاقي الذي لاقاه غيري من الوجد
وعيب عليّ الشّوق والوجد والبكا ... ولا أنا بالشكوى أنفّس من جهدي
ثم سكت وغنى دبيس:
تهزّأت بي لما خلوت من الوجد ... ولم ترث لي لا كان عندك ما عندي
وعيب عليّ الشوق والوجد والبكا ... وأنت الذي أجريت دمعي على خدّي
صددت بلا جرم إليك أتيته ... أكان عجيبا لو صددت عن الصدّ «2»
ألا إنّني عبد لطرفك خاضع ... وطرفك مولى لا يرق على عبد
ثم غنى المسدود:
أقمت ببلدة ورحلت عنها ... كلانا عند صاحبه غريب
أقلّ الناس في الدنيا نصيبا ... محبّ قد نأى عنه الحبيب «3»
ثم سكت وغنى زنين:
ويقنعني ممن أحبّ كتابه ... ويمنعنيه، إنه لبخيل
كفى حزنا أن لا أطيق وداعكم ... وقد حان منّي يا ظلوم رحيلي
ثم سكت وغنى دبيس:
يا واحد الحسن الذي لحظاته ... تدعو النّفوس إلى الهوى فتجيب
من وجهه القمر المنير وحسنه ... غصن نضير مشرق وكثيب»
ألناظريك على العيون رقيبة ... أم هل لطرفك في القلوب نصيب
ثم ابتدأ المسدود فغنى:
قلق لم يزل وصبر يزول ... ورضا لم يطل وسخط يطول
لم تسل دمعتي عليّ من الرّحمة حتى رأيت نفسي تسيل
جال في جسمي السّقام فجسمي ... مدنف ليس فيه روح تجول «1»
ينقضي للقتيل حول فينسى ... وأنا فيك كلّ يوم قتيل
ثم سكت وغنى زنين:
ليس إلى تركك من حيلة ... ولا إلى الصبر لقلبي سبيل
فكيفما شئت فكن سيدي ... فإنّ وجدي بك وجد طويل
إن كنت أزمعت على هجرنا ... فحسبنا الله ونعم الوكيل
قال أبو عكرمة: فأقبل أبو عيسى على المسدود فقال له غنّ صوتا. فغنى:
يا لجّة الدمع هل للدّمع مرجوع ... أم الكرى من جفون العين ممنوع «2»
ما حيلتي وفؤادي هائم أبدا ... بعقرب الصّدغ من مولاى ملسوع
لا والذي تلفت نفسي بفرقته ... فالقلب من حرّق الهجران مصدوع
ما أرّق العين إلا حبّ مبتدع ... ثوب الجمال على خدّيه مخلوع
قال أبو عكرمة: فو الله الذي لا إله إلا هو، لقد حضرت من المجالس ما لا أحصي، فما رأيت مثل ذلك اليوم. ثم إن أبا عيسى أمر لكل واحد بجائزة وانصرفنا، ولولا أن أبا عيسى قطعهم ما انقطعوا.











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید