المنشورات

أشعب وهاشمى

: وحدّثني أبو العباس أحمد بن بكر ببغداد قال: حدثني إسحاق بن ابراهيم الموصلي قال: كان يقال قديما: إذا قسا عليك قلب القرشي من تهامة، فغنّه بشعر عمر بن أبي ربيعة وغناء ابن سريج. وكذا فعل أشعب برجل من أهل مكة من بني هاشم، وكان أشعب قد انتجع أهل مكة من المدينة.
قال أشعب: فلما دخلت عليه غنيته بغناء أهل المدينة وأهل العقيق، فلم ينجع ذلك فيه ولم يحرّك من طربه ولا أريحيّته؛ فلما عيل صبري غنيته بغناء ابن سريج المكي وقول ابن أبي ربيعة القرشي:
نظرت إليها بالمحصّب من منى ... ولي نظر لولا التحرّج عارم
فقلت أشمس أم مصابيح راهب ... بدت لك تحت السجف أم أنت حالم «1»
بعيدة مهوى القرط إما لنوفل ... أبوها وإما عبد شمس وهاشم
قال: فحرّكت والله من طربه، وكان الذي أردت؛ ثم غنيته لابن أبي ربيعة القرشي أيضا.
ولولا أن يقول لنا قريش ... مقال الناصح الأدنى الشفيق
لقلت إذ التقينا قبليني ... وإن كنا بقارعة الطريق
فقال: أحسن والله! هكذا يطيب التلقّي، لا بالخوف والتوقّي! قال: فلما رأيته قد طرب للصوتين ولم يندّ لي بشيء، قلت: هو الثالث وإلا فعليه السلام. قال: فغنيته الثالث من غناء ابن سريج قول عمر بن أبي ربيعة، ويقال إنها لجميل:
ما زلت أمتحن الدّساكر دونها ... حتى ولجت على خفيّ المولج «1»
فوضعت كفّي عند مقطع خصرها ... فتنفّست نفسا ولم تتلهّج
قالت: وحقّ أخي وحرمة والدي ... لأنبّهنّ الحيّ إن لم تخرج
فخرجت خيفة قولها فتبسّمت ... فعلمت أن يمينها لم تحرج
فرشفت فاها آخذا بقرونها ... رشف النزيف ببرد ماء الحشرج
فصاح الهاشمي: أوّه! أحسن والله وأحسنت! وأمر لي بألف درهم وثلاثين حلة وخلعة كانت عليه.
وغنى ابن سريج رجلا من بني هاشم بقول جرير:
بعثن الهوى ثم ارتمين قلوبنا ... بأسهم أعداء وهنّ صديق
وما ذقت طعم العيش منذ نأيتم ... وما ساغ لي بين الجوانح ريق
قال: فخطف من ثوبه ذراعا، وقال: هذا والله العقيان في نحور القيان!











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید