المنشورات

الباهلي في امر عنان

وقال بكر بن حماد الباهلي: لما انتهى إليّ خبر عنان، وأنها ذكرت لهارون وقيل إنها من أشعر الناس، خرجت معترضا لها؛ فما راعني إلا الناطفي مولاها قد ضرب على عضدي، فقال لي: هل لك فيما سنح من طعام وشراب ومجالسة عنان؟ فقلت: ما بعد عنان مطلب! ومضينا حتى أتينا منزله، فعقل دابته ثم دخل فقال: هذا بكر شاعر باهلة يريد مجالستك اليوم. فقالت: والله، إني كسلانة! فحمل عليها بالسوط؛ ثم قال لي: ادخل. فدخلت ودمعها يتحدّر كالجمان في خدها، فطمعت بها؛ فقلت:
هذي عنان أسبلت دمعها ... كالدرّ إذ ينسل من خيطه
ثم قلت: أجيزي. فقالت:
فليت من يضربها ظالما ... تجفّ كفّاه على سوطه
فقلت لها: إن لي حاجة. فقالت: هاتها، فمن سببك أوذينا! قلت لها: بيت وجدته على ظهر كتابي، لم أقرضه ولم أقدر على إجازته. قالت: قل: فأنشدتها:
فما زال يشكو الحبّ حتى حسبنه ... تنفّس من أحشائه فتكلما
قال: فأطرقت ساعة ثم أنشدت:
ويبكي فأبكي رحمة لبكائه ... إذا ما بكي دمعا بكيت له دما!
قلت لها: فما عندك في اجازة هذا البيت:
بديع حسن بديع صدّ ... جعلت خدّي له ملاذا
فأطرقت ساعة ثم قالت:
فعاتبوه فعنّفوه ... فأوعدوه، فكان ماذا ... ؟












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید