المنشورات

المعتصم وجارية

وذكر المعتصم جارية كانت غلبت عليه وهو بمصر، ولم يكن خرج بها معه؛ فدعا مغنيا له فقال له: ويحك! اني ذكرت جارية، فأقلقني الشوق إليها؛ فهات صوتا يشبه ما ذكرت لك. فأطرق مليا ثم غنى:
وددت من الشوق المبرّح أنني ... أعار جناحي طائر فأطير
فما لنعيم لست فيه بشاشة ... وما لسرور لست فيه سرور
وإنّ امرأ في بلدة نصف قلبه ... ونصف بأخرى غيرها لصبور
فقال: واد ما عدوت ما في نفسي! وأمر له بجائزة، ورحل من ساعته، فلما بلغ الفرما قال:
غريب في قرى مصر ... يقاسي الهمّ والسّدما «2»
لليلك كان بالميدا ... ن اقصر منه بالفرما
وقال المأمون في قينة له:
لها في لحظها لحظات حتف ... تميت بها وتحيي من تريد
فإن غضبت رأيت الناس قتلي ... وإن ضحكت فأرواح تعود
وتسبي العالمين بمقلتيها ... كأنّ العالمين لها عبيد
وأنشد البحتري في قينة له:
أمازحها فتغضب ثم ترضى ... وفعل جمالها حسن جميل
فإن تغضب فأحسن ذات دلّ ... وإن ترضى فليس لها عديل
وقال المعتز في قينة له:
فأمسيت في ليلين للشّعر والدّجا ... وشمسين من كأس ووجه حبيب
وقال هارون الرشيد في قينة له رحمه الله:
تبدي صدودا وتخفي تحته مقة ... فالنّفس راضية والطرف غضبان «1»
يا من وضعت له خدّي فذلله ... وليس فوقي سوى الرحمن سلطان
وقال ابراهيم الشيباني: القينة لا تخلص محبة لأحد، ولا تؤتى إلا من باب طمع.
وقال علي بن الجهم: قلت لقينة:
هل تعلمين وراء الحبّ منزلة ... تدني إليك فإنّ الحبّ أقصاني»
فقالت: تأتي من باب الذهب، وأنشدت:
اجعل شفيعك منقوشا تقدّمه ... فلم يزل مذنبا من ليس بالدّاني «3»











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید