المنشورات

قول في العود

يزيد وعبيد الله في البربط
: قال يزيد بن عبد الملك يوما وذكر عنده البربط «3» ، فقال: ليت شعري ما هو؟
فقال له عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أنا أخبرك ما هو: هو محدوب الظهر، أرسح البطن، له أربعة أوتار إذا حرّكت لم يسمعها أحد إلا حرّك أعطافه وهزّ رأسه! مرّ إسحاق بن إبراهيم الموصلي برجل ينحت عودا. فقال: لمن ترهف هذا السيف؟
ومن قولنا في هذا المعنى:
يا مجلسا أينعت منه أزاهره ... ينسيك أوّله في الحسن آخره
لم يدر هل بات فيه ناعما جذلا ... أو بات في جنة الفردوس سامره «1»
فالعود يخفق مثناه ومثلثه ... والصّبح قد غرّرت فيه عصافره
وللحجارة أهزاج إذا نطقت ... أحيا بها الكبرة المحنيّ ناقره «2»
وحنّ بينهما الكثبان عن نغم ... تبدي عن الصبّ ما تخفي ضمائره «3»
كأنما العود فيما بيننا ملك ... يمشي الهوينا وتتلوه عساكره
كأنه إذ تمطّى وهي تتبعه ... كسرى بن هرمز تقفوه أساوره
ذاك المصون الذي لو كان مبتذلا ... ما كان يكسر بيت الشّعر كاسره
صوت رشيق وضرب لو يراجعه ... سجع القريض إذا ضلّت أساطره «4»
لو كان زرياب حيّا ثم أسمعه ... لمات من حسد إذ لا يناظره
وقال بعض الكتّاب في العود:
وناطق بلسان لا ضمير له ... كأنه فخذ نيطت إلى قدم
يبدي ضمير سواه في الكلام كما ... يبدي ضمير سواه منطق الكلم
وقال الحمدوني فيه:
وسجّعت رجع صوت بين أربعة ... سرّ الضمائر فيما بينها علن
فولّدت للنّدامى بين نغمتها ... وكفّها فرحا تفصيله حزن
فما تلعثم عنها لفظ مزهرها ... ولا تحير في ألحانها لحن
تهدي إلى كلّ حرّ من طبائعها ... بنانها نغما أثمارها فتن
وترتعي العين منها روض وجنتها ... طورا وتسرح في ألفاظها الأذن
وقال عكاشة بن الحصين:
من كفّ جارية كأن بنانها ... من فضة قد طرّفت عنّابا «1»
وكأنّ يمناها إذا ضربت بها ... تلقي على يدها الشمال حسابا
ومن قولنا في العود:
يا ربّ صوت يصوغه عصب ... نيطت بساق من فوقها قدم
جوفاء مضمومة أصابعها ... مسكّنات تحريكها نغم
أربعة جزّئت لأربعة ... أجزاؤها بالنّفوس تلتحم
أصغرها في القلوب أكبرها ... يبعث منها الشّفاء والسقم «2»
إذ أرنّت بغمز لافظها ... قلت حمام يجيبهنّ حم
لها لسان بكفّ ضاربها ... يعرب عنها وما لهنّ فم













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید