المنشورات

الهجناء

للعرب والفرس
: العرب تسمي العجميّ إذا أسلم: المسلماني؛ ومنه يقال: مسالمة السواد، والهجين عندهم: الذي أبوه عربي وأمه أعجمية؛ والمذرّع: الذي أمه عربية وأبوه أعجمي وقال الفرزدق:
إذا باهليّ أنجبت حنظليّة ... له ولدا منها؛ فذاك المذرّع
والعجمي: النصراني ونحوه وإن كان فصيحا. والأعجمي: الأخرس اللسان وإن كان مسلما.
ومنه قيل: زياد الأعجم؛ وكان في لسانه لكنة.
والفرس تسمى الهجين: دوشن؛ والعبد: واش ونجاش. ومن تزوّج أمة: نفاش، وهو الذي يكون العهد دونه، وسمي أيضا: بوركان.
والعرب تسمّي العبد الذي لا يخدم إلا ما دامت عليه عين مولاه: عبد العين.
وكان العرب في الجاهلية لا تورث الهجين.
وكانت الفرس تطرح الهجين ولا تعدّه، ولو وجدوا أمّا أمة على رأس ثلاثين أما، ما أفلح [ولدها] عندهم ولا كان آزاد، ولا كان بيدهه مزاد. والآزاد عندهم: الحرّ، والمزاد: الريحان.
وقال ابن الزبير لعبد الرحمن بن أم الحكم:
تبلّغت لمّا أن أتيت بلادهم ... وفي أرضنا أنت الهمام القلمّس «1»
ألست ببغل أمّه عربيّة ... أبوه حمار أدبر الظهر ينخس؟ «2»
وشبه المذرع بالبغل؛ إذ قيل له: من أبوك؟ قال: أمي الفرس! ومما احتجت به الهجناء: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم زوّج ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب من المقداد بن الأسود، وزوّج خالدة بنت أبي لهب من عثمان بن أبي العاص الثقفي.
وبذلك احتج عبد الله بن جعفر إذ زوّج ابنته زينب من الحجاج بن يوسف فعيّره الوليد بن عبد الملك، فقال عبد الله بن جعفر: سيف أبيك زوّجه! والله ما فديت بها إلا خيط رقبتي. وأخرى: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد زوّج ضباعة من المقداد، وخالدة من عثمان بن أبي العاص، ففيه قدوة وأسوة.
وزوّج أبو سفيان ابنته أم الحكم بالطائف في ثقيف.
وقال لهذم الكاتب في عبد الله بن الأهتم وسأله فحرمه:
وما بنو الأهتم إلا كالرّحم ... لا شيء إلا أنهم لحم ودم
جاءت به جذام من أرض العجم ... أهتم سلّاح على ظهر القدم
مقابل في الّلؤم من خال وعمّ
بنو أمية وأولاد الإماء
: وكانت بنو أمية لا تستخلف بني الإماء، وقالوا لا تصلح لهم العرب.
زياد بن يحيى قال: حدّثنا جبلة بن عبد الملك: قالوا: سابق عبد الملك [بين] سليمان ومسلمة؛ فسبق سليمان مسلمة، فقال عبد الملك:
ألم أنهكم أن تحملوا هجناءكم ... على خيلكم يوم الرّهان فتدرك!
وما يستوي المرءان، هذا ابن حرّة ... وهذا ابن أخرى ظهرها متشرّك
وتضعف عضداه ويقصر سوطه ... وتقصر رجلاه فلا يتحرّك
وأدركه خالاته فنزعنه ... ألا إنّ عرق السّوء لا بدّ يدرك
ثم أقبل عبد الملك على مصقلة بن هبيرة الشيباني فقال: أتدري من يقول هذا؟
قال: لا أدري. قال: يقوله أخوك الشّنّيّ.
قال مسلمة: يا أمير المؤمنين، ما هكذا قال حاتم الطائي. قال عبد الملك: وماذا قال حاتم؟ فقال مسلمة: قال حاتم:
وما أنكحونا طائعين بناتهم ... ولكن خطبناها بأسيافنا قسرا
فما زادها فينا السّباء مذلّة ... ولا كلّفت خبزا ولا طبخت قدرا
ولكن خلطناها بخير نسائنا ... فجاءت بهم بيضا وجوههم زهرا
وكائن ترى فينا من ابن سبيّة ... إذا لقي الأبطال يطعنهم شزرا
ويأخذ رايات الطّعان بكفّه ... فيوردها بيضا؛ ويصدرها حمرا
أغرّ إذا اغبرّ اللثام رأيته ... إذ ما سرى ليل الدّجى قمرا بدرا
فقال عبد الملك كالمستحي:
وما شرّ الثلاثة أمّ عمرو ... بصاحبك الذي لا تصبحينا
بنو أمية في أولاد الأمهات
: قال الأصمعي: كانت بنو أمية لا تبايع لبني أمهات الأولاد؛ فكان الناس يرون أن ذلك لاستهانة بهم، ولم يكن لذلك، ولكن لما كانوا يرون أن زوال ملكهم على يد ابن أم ولد؛ فلما ولي الناقص ظن الناس أنه الذي يذهب ملك بني أمية على يديه- وكانت أمه بنت يزدجرد بن كسرى- فلم يلبث إلا سبعة أشهر حتى مات؛ ووثب مكانه مروان بن محمد- وأمه كردية- فكانت الرواية عليه. ولم يكن لعبد الملك ابن أسدّ رأيا، ولا أذكى عقلا، ولا أشجع قلبا، ولا أسمح نفسا، ولا أسخى كفّا من مسلمة؛ وإنما تركوه لهذا المعنى.
شيء عن يحيى ابن أبي حفصة
: وكان يحيى بن أبي حفصة أخو مروان بن أبي حفصة يهوديا، أسلم على يد عثمان بن عفان، فكثر ماله، فتزوّج خولة بنت مقاتل بن قيس بن عاصم، ونقدها خمسين ألفا.
وفيه يقول القلاخ:
رأيت مقاتل الطّلبات حلى ... نحور بناته كمر الموالي «1»
فلا تفخر بقيس، إنّ قيسا ... خريتم فوق أعظمه البوالي!
وله فيه:
نبّئت خولة قالت حين أنكحها ... لطالما كنت منك العار أنتظر
أنكحت عبدين ترجو فضل مالهما ... في فيك مما رجوت التّراب والحجر
لله درّ جياد أنت سائسها ... برذنتها وبها التّحجيل والغرر «1»
فقال مقاتل يردّ عليه:
وما تركت خمسون ألفا لقائل ... عليك- فلا تحفل- مقالة لائم
فإن قلتم زوّجت مولى؛ فقد مضت ... به سنّة قبلي وحبّ الدراهم
ويقال: إن غيره قال ذلك.











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید