المنشورات

زياد بن عبيد

أول دعيّ كان في الإسلام واشتهر، زياد بن عبيد، دعيّ معاوية؛ وكان من قصته انه وجهه بعض عمال عمر بن الخطاب رضي الله عنه على العراق الى عمر بفتح كان، فلما قدم واخبر عمر بالفتح في احسن بيان وأفصح لسان، قال له عمر: أتقدر على مثل هذا الكلام في جماعة الناس على المنبر؟ قال: نعم، وعلى احسن منه، وانا لك أهيب! فأمر عمر بالصلاة جامعة؛ فاجتمع الناس، ثم قال لزياد: قم فاخطب وقص على الناس ما فتح الله على إخوانهم المسلمين. ففعل وأحسن وجوّد، وعند أصل المنبر علي بن ابي طالب، وأبو سفيان بن حرب فقال أبو سفيان لعليّ: أيعجبك ما سمعت من هذا الفتى؟ قال: نعم. قال: أما إنه ابن عمك؟ قال: فكيف ذلك؟ قال: أنا قذفته في رحم أمّه سمية! قال: فما يمنعك أن تدّعيه؟ قال: أخاف هذا الجالس على المنبر- يعني عمر- أن يفسد عليّ إهابي. فلما ولي معاوية استلحقه بهذا الحديث، واقام له شهودا عليه؛ فلما شهد الشهود قام زياد على اعقابهم خطيبا، فحمد الله واثنى عليه، ثم قال: هذا أمر لم اشهد اوله، ولا علم لي بآخره؛ وقد قال أمير المؤمنين ما بلغكم، وشهد الشهود بما قد سمعتم، والحمد لله الذي رفع منا ما وضع الناس، وحفظ منا ما ضيّعوا؛ فأما عبيد فإنما هو والد مبرور، أو ربيب مشكور. ثم جلس.
فقال فيه عبد الرحمن بن حسان بن ثابت:
ألا أبلغ معاوية بن حرب ... فقد ضاقت بما يأتي اليدان
أتغضب ان يقال أبوك عف ... وترضى أن يقال أبوك زان؟
وأشهد أن قربك من زياد ... كقرب الفيل من ولد الاتان
وقال زياد: ما هجيت ببيت قط أشدّ عليّ من قول يزيد بن مفرغ الحميري:
فكّر ففي ذاك إن فكّرت معتبر ... هل نلت مكرمة إلا بتأمير؟
عاشت سميّة ما عاشت وما علمت ... أنّ ابنها من قريش في الجماهير
سبحان من ملك عبّاد بقدرته ... لا يدفع الناس محتوم المقادير
وكان ولد سمية: زيادا: وأبا بكرة، ونافعا؛ فكان زياد ينسب في قريش، وأبو بكرة في العرب، ونافع في الموالي؛ فقال فيهم يزيد بن مفرغ:
إن زيادا ونافعا وأبا ... بكرة عندي من أعجب العجب
إن رجالا ثلاثة خلقوا ... من رحم أنثى مخالفي النّسب ...
ذا قرشي، فيما يقول، وذا ... مولى وهذا ابن أمه عربي!
وقال بعض العراقيين في ابي مسهر الكاتب:
حمار في الكتابة يدّعيها ... كدعوى آل حرب في زياد
فدع عنك الكتابة لست منها ... ولو غرّقت ثوبك بالمداد
وقال آخر في دعيّ:
لعين يورث الابناء لعنا ... ويلطخ كلّ ذي نسب صحيح











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید