المنشورات

اهل العي المشبهين بالمجانين

أبو طالب
دخل أبو طالب صاحب الحنطة على هاشمية جارية حمدونة بنت الرشيد، ليشتري طعاما من طعامهم؛ فقال لها: قد رأيت متاعك وقلبته، قالت له: هلا قلت طعامك يا أبا طالب! قال: قد أدخلت يدي فيه فوجدته قد حمي وصار مثل الجيفة، قالت:
يا أبا طالب، الست قد قلّبت الشعير فأعطنا به ما شئت وإن كان فاسدا.
رجلان من النوكى وعبد لهما
قال الأصمعي: كان بين رجلين من النّوكى عبد. فقام أحدهما يضربه، فقال له شريكه: ما تصنع؟ قال: أنا أضرب نصيبي منه! قال: وأنا أضرب حصتي فيه! وقام فضربه؛ فكان من رأى العبد أن سلح عليهما وقال: اقسما هذه على قدر الحصص.
باكية على قبر
ومرّ بعضهم بامرأة قاعدة على قبر وهي تبكي، فقال لها: ما هذا الميّت منك؟
قالت: زوجي! قال: وما كان عمله؟ قالت: كان يحفر القبور! قال: أبعده الله، أما علم أنه من حفر حفرة وقع فيها.
ابن أشرس ورجل من النوكى
وطلب رجل من النّوكى من ثمامة بن أشرس أن يسلفه مالا ويؤخّره به؛ قال:
هاتان حاجتان، وأنا أقضي لك إحداهما. قال: رضيت. قال: أنا أؤخرك ما شئت ولا أسلفك.
امرأة ابي رافع وصيرفي
وكان ابو رافع مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ وآل أبي رافع من فضلاء أهل المدينة وخيارهم، مع بله فيهم وعيّ شديد؛ فمن ذلك: أن امرأة ابي رافع رأته في نومها بعد موته، فقال لها: أتعرفين فلانا الصيرفي؟ قالت له: نعم. قال: فإن لي عليه مائتي دينار.
فلما انتبهت غدت إلى الصيرفي فأخبرته الخبر، وسألته عن المائتي دينار؛ فقال رحم الله أبا رافع، والله ما جرت بيني وبينه معاملة قط! فأقبلت إلى مسجد المدينة، فوجدت مشايخ من آل أبي رافع، كلهم مقبول القول، جائز الشهادة؛ فقصت عليهم الرؤيا، وأخبرتهم خبرها مع الصيرفي وإنكاره لما ادّعاه أبو رافع؛ قالوا: ما كان أبو رافع ليكذب في نوم ولا يقظة! قرّبي صاحبك إلى السلطان، ونحن نشهد لك عليه!
فلما علم الصيرفي عزم القوم على الشهادة لها، وعلم أنهم إن شهدوا عليه لم يبرح حتى يؤدّيها: قال لهم: إن رأيتم أن تصلحوا بيني وبين هذه المرأة على ما ترونه فافعلوا.
قالوا: نعم والصلح خير، ونعم الصلح الشطر؛ فأدّ إليها مائة دينار من المائتين! فقال لهم: أفعل، ولكن اكتبوا بيني وبينها كتابا يكون وثيقة لي. قالوا: وكيف تكون هذه الوثيقة؟ قال: تكتبون لي عليها انها قبضت مني مائة دينار صلحا على المائتي دينار التي ادّعاها ابو رافع عليّ في نومها، وأنها قد أبرأتني منها، وشرطت على نفسها ان لا ترى أبا رافع في نومها مرة اخرى، فيدعي عليّ بغير هذه المائتي دينار، فتجيء بفلان وفلان يشهدان عليّ لها! فلما سمعوا الوثيقة انتبه القوم لانفسهم، وقالوا: قبحك الله وقبح ما جئت به.
عامر بن عبد الله
ومنهم عامر بن عبد الله بن الزبير، أتي بعطائه وهو في المسجد، فقام ونسيه في موضعه؛ فلما أتى البيت ذكره، فقال: يا غلام، ائتني بعطائي الذي نسيت في المسجد! قال: وأين يوجد وقد دخل المسجد بعدك جماعة؟ وبقي أحد يأخذ ما ليس له!؟
وسرقت نعله مرة، فلم يلبس نعلا بعدها حتى مات، وقال: أكره أن أتخذ نعلا يجيء من يسرقها فيأثم! وفي هذا الضرب يقول أبو أيوب السختياني: من أصحابي من أرجو بركته ودعاءه ولا أقبل شهادته.
عابد في بني اسرائيل
قال الأصمعي: كان الشعبي يحدّث انه كان في بني إسرائيل عابد جاهل قد ترهّب في صومعته، وله حمار يرعى حول الصومعة؛ فاطّلع عليه من الصومعة فرآه يرعى، فرفع يده إلى السماء فقال: يا رب، لو كان لك حمار كنت أرعاه مع حماري وما كان يشق عليّ! فهمّ به نبي كان فيهم في ذلك الزمان، فأوحى الله إليه: دعه، فإنما أثيب كل إنسان على قدر عقله.
ابن سيرين ومجنون
هشام بن حسان قال: أقبل رجل إلى محمد بن سيرين فقال: ما تقول في رؤيا رأيتها! قال: وما رأيت؟ قال كنت أرى ان لي غنما، فكنت أعطي بها ثمانية دراهم، فأبيت من البيع ففتحت عيني فلم أر شيئا، فأغلقتها ومددت يدي؟ وقلت:
هاتوا أربعة. فلم أعط شيئا فقال له ابن سيرين: لعل القوم اطلعوا على عيب في الغنم فكرهوها! قال: يمكن الذي ذكرت.












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید