المنشورات

الأنعام

حدّث يزيد بن عمرو عن عبد العزيز الباهلي عن الأسود بن عبد الرحمن عن أبيه عن جدّه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما خلق الله دابة أكرم من النعجة» . وذلك أنه ستر حياها دون حيا غيرها.
وحدّث أبو حاتم عن الأصمعي عن أبان بن عمر قال: كان لنا جمل يعرف كشح الحامل من غير أن يشمّها.
وقيل لابنة الخسّ: ما تقولين في مائة من المعز؟ قالت: قنى. قيل: فمائة من الضأن؟ قالت: غنى؟ قيل: فمائة من الإبل؟ قالت: منى.
والعرب تضرب المثل في الصّرد «1» بالمعزى، فتقول: أصرد من عنز جرباء.
سئل دغفل العلامة عن بني مخزوم، فقال: معزى مطيرة، عليها قشعريرة، إلا بني المغيرة؛ فإن فيهم تشادق الكلام، ومصاهرة الكرام.
ومما تقوله الأعراب على ألسنة البهائم: تقول المعزى: الاست جهوى «2» ، والذئب ألوى «3» ، والجلد زقاق «4» ، والشعر دقاق «5» .
والضأن تضع مرة في السنة، وتفرد ولا تتئم، والماعز قد تلد مرتين في السنة وتضع الثلاثة وأكثر وأقل.
والنماء والعدد والبركة في الضأن؛ ونحو هذا الخنازير؛ ربما تضع الأنثى عشرين خنزيرا، ولا نماء فيها ولا بركة.
ويقال: الجواميس ضأن البقر، والبخت ضأن الإبل، والبراذين ضأن الخيل، والجرذان ضأن الفأر، والدّلدل ضأن القنافذ، والنمل ضأن الذّرّ.
وتقول الأطباء في لحم المعز: إنه يورث الهم، ويحرّك السوداء، ويورث النسيان، ويخبّل الأولاد، ويفسد الدم؛ ولحم الضأن يضرّ بمن يصرع من المرة إضرارا شديدا، حتى يصرعهم في غير أوان الصرع: [وأوان الصرع] الأهلّة وأنصاف الشهور؛ وهذان الوقتان هما وقت مدّ البحر وزيادة الماء؛ ولزيادة القمر إلى أن يصير بدرا اثر بيّن في زيادة الدماغ والدم وجميع الرطوبات، قال الشاعر:
كأن القوم عشّوا لحم ضأن ... فهم نعجون قد مالت طلاهم «1»
وفي الماعز أيضا: إنها ترضع من خلفها وهي محفّلة حتى تأتي على كل ما في ضرعها؛ وقال ابن أحمر:
إني وجدت بني أعيا وجاملهم ... كالعنز تعطف روفيها فترتضع
وإذا رعت الماعزة في فضل نبت ما تأكله الضائنة، ولم ينبت ما تأكله الماعزة، لأن الضائنة تقرضه بأسنانها والماعزة تقلعه وتجذبه من أصله. وإذا حملت الماعزة أنزلت اللبن في أوّل الحمل إلى الضرع، والضائنة لا تنزل اللبن إلا عند الولادة؛ ولذلك تقول العرب: رمّدت «2» المعزى فرنّق رنّق، ورمّدت الضأن فربّق ربّق «3» .
وذكور كل شيء أحسن من إناثه، إلا التيوس؛ فإن الصّفايا أحسن منها.
وأصوات ذكور كلّ شيء أجهر وأغلظ، إلا إناث البقر؛ فإنها أجهر أصواتا من ذكورها.
وقرأت في كتاب للروم: إذا أردت أن تعرف ما لون جنين النعجة، فانظر إلى لسانها، فإن الجنين يكون على لونه.
وقرأت فيه: إن الإبل تتحامى أمهاتها [وأخواتها] فلا تسفدها.
وقالوا: كل ثور أفطس، وكل بعير أعلم «1» ، وكل ذباب أقرح «2» .
وقالوا: البعير إذا صعب وخافوه استعانوا عليه حتى يبرك ويعقل، ثم يركبه فحل آخر فيذل؛ وقد يفعل ذلك بالثور.
وقال بعض القصاص: مما فضل الله به الكبش أن جعله مستور العورة من قبل ومن دبر، ومما أهان به التيس أن جعله مهتوك الستر مكشوف القبل والدبر.
وفي مناجاة عزير: اللهم إنك اخترت من الأنعام الضائنة، ومن الطير الحمامة، ومن النبات الحبة، ومن البيوت مكة وإيلياء، ومن إيلياء بيت المقدس.
وفي الحديث: «إن الغنم إذا أقبلت اقبلت، وإذا أدبرت أقبلت؛ والإبل إذا أدبرت أدبرت، وإذا أقبلت أدبرت، ولا يأتي نفعها إلا من جانبها الأشأم «3» .
والأقط قد يكون من المعزى. قال امرؤ القيس:
لنا غنم نسوّقها غزار ... كأن قرون جلّتها عصيّ
فتملأ بيتنا أقطا وسمنا ... وحسبك من غنى شبع وريّ «4»









مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید