المنشورات

الطير

بلغني عن مكحول أنه قال: كان من دعاء داود النبي عليه السلام: يا رازق النعّاب «1» في عشه. وذلك أن الغراب إذا فقس عن فراخه خرجت بيضاء، فإذا رآها كذلك نفر عنها؛ وتفتح أفواهها فيرسل الله ذبابا يدخل في أفواهها فيكون ذلك غذاءها حتى تسودّ، فإذا اسودّت عاد الغراب إليها فغذاها ورفع الله الذباب عنها!
وقال الرياشي: ليس شيء تغيب أذناه من جميع الحيوان إلا وهو يبيض، وليس شيء تظهر أذناه إلا وهو يلد. قال: وهذا يروى عن عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه.
وقد نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن قتل أربعة من الطير: الصرد «1» ، والهدهد، والذرّة، والنحلة.
وقالوا: الطير ثلاثة أضرب: بهائم الطير، وهو مالقط الحبوب والبزور؛ وسباع الطير، وهي التي تتغذى باللحم؛ والمشترك، وهو مثل العصفور، يشارك بهائم الطير في أنه ليس بذي مخلب ولا منسر، وإذا سقط العصفور على عود قدّم أصابعه الثلاث وأخّر الدابرة، وسباع الطير تقدم أصبعين وتؤخر أصبعين ويشارك سباع الطير فإنه يلقم فراخه ولا يزقّها، وأنه يأكل اللحم ويصطاد الجراد والنمل.
قالوا: والعصفور شديد الوطء، والفيل خفيف الوطء.
وقال صاحب الفلاحة: العقاب والحدأة يتبدّلان، فيصير العقاب حدأة «2» والحدأة عقابا؛ والأرانب تتبدل فتصير الأنثى ذكرا والذكر أنثى؛ وذكر الغربان لا يحضن، وكذلك ذكر الإوز وذكر الدجاج.
وقال كعب الأحبار: ما ذهب طائر في السماء قط أكثر من اثنى عشر ميلا.
ومن حديث سفيان الثوري عن أنس بن مالك، قال: عمر الذباب أربعون يوما، والبعوضة ثلاثة أيام، والبرغوث خمسة أيام.
قال: والحمام تعجب بالكمّون وتألف الموضع الذي يكون فيه، وكذلك العدس، ولا سيما إذا نقع في عصير حلو، ومما يصلحن عليه ويكثرن أن تدخّن بيوتهن بالعلك، وأيمن مواضعها وأصلحها أن يبنى لها بيت على أساطين خشب ويجعل فيه ثلاث كوى: كوّة في سمك البيت «1» ، وكوّة من قبل المغرب، وكوّة من قبل المشرق، وباب من قبل الجنوب.
قال: والسذاب «2» إذ ألقي في اللبن تحامته السنانير البرية.
هشام بن محمد قال: حدثني ابن الكلبي قال: أسماء نساء بني نوح صلّى الله عليه وسلّم إذا كتبن في زوايا بيت البرج سلمت الفراخ ونمت وسلمت من الآفات قال هشام: فجربته أنا وغيري فوجدناه كما قال: واسم امرأة سام بن نوح: محلت محم، واسم امرأة حام:
نف نسا، واسم امرأة يافث: فالر.
والطير الذي يخرج من وكره بالليل، البومة والصدى والهامة والضوع والوطواط والخفاش وغراب الليل.
قالوا: وإذا خرج فرخ الحمامة نفخ أبواه في حلقه، لتتسع الحوصلة بعد التحامها وتنفتق؛ فإذا اتسعت زقاه عند ذلك اللعاب، [ثم زقاه صاروج «3» صروح الحيطان ليدبغا به الحوصلة] ، ثم زقاه بعد ذلك الحب.
قال المثنى بن زهير: لم أر شيئا قط في رجل أو امرأة إلا رأيته في الحمام: رأيت حمامة لا تمنع شيئا من الذكور، ورأيت حمامة لا تقمط «4» إلا بعد شدة الطلب، ورأيت حمامة تتزين للذكر ساعة يريدها، ورأيت حمامة تقمط الذكر، ورأيت ذكرا يقمط كل ما لقي ولا يزاوج، ورأيت ذكرا له أنثيان يحضن مع هذه وهذه. [ويزقّ مع هذه وهذه] .
قالوا: ومن عجائب الخفاش أنه لا يبصر في الضوء الشديد ولا في الظلمة الشديدة وتحبل [الأنثى] وتلد وتحيض وترضع، وتطير بلا ريش، وتحمل ولدها تحت جناحها، وربما قبضت عليها بفيها، وربما ولدت وهي تطير؛ ولها أذنان وأسنان وجناحان متصلان برجليها.
قالوا: والخطاف يتبع الربيع حيث كان، وتقلع إحدى عينيه فترجع.












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید