المنشورات

نتف من الطب

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تزالون أصحاء ما نزعتم ونزوتم.
بريد: ما نزعتم عن القسيّ، ونزوتم على ظهور الخيل؛ وإنما أراد الحركة، والله أعلم، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: سافروا تصحوا.
وقال بعض الحكماء: لا ينبغي للعاقل أن يخلي نفسه من ثلاث في غير إفراط:
الأكل، والمشي، والجماع؛ فأما الأكل، فإن الأمعاء تضيق لتركه؛ وأما المشي، فإن من لم يتعاهده أوشك أن يطلبه فلا يجده؛ وأما الجماع، فإنه كالبئر، إن نزحت جمّت «1» ، وإن تركت يخثر «2» ماؤها. وحق هذا كله القصد فيه.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من استقل برأيه فلا يتداوى، فربّ دواء يورث الداء» .
وقالت الحكماء: إياك وشرب الدواء ما حملتك الصحة.
وقالوا: مثل الدواء في البدن مثل الصابون في الثوب: ينقيه ويخلقه.
الأصمعي عن رجل عن عمه، قال: لقيت طبيب كسري شيخا كبيرا قد شدّ حاجبيه بخرقة، فسألته عن دواء المشي «3» ، فقال: سهم يرمى به في جوفك أصاب أم أخطأ.
وفي كتاب التفصيل للهند: الدواء من فوق، والدواء من تحت، والدواء لا من فوق ولا من تحت.
تفسيره: من كان داؤه فوق سرته سقي الدواء، ومن كان داؤه تحت سرته حقن بالدواء، ومن لم يكن له داء لا من فوق ولا من تحت لم يسق الدواء ولم يحقن به.
للنبي صلّى الله عليه وسلّم في السنا
: وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لأسماء بنت عميس: بم كنت تستمشين في الجاهلية؟ قالت:
بالشبرم»
. قال: حار حار. ثم قالت: استمشيت بالسنا «5» . قال: لو أن شيئا يرد القدر لردّه السنا.
ومن حديث أبي هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج عليهم وهم يتذاكرون الكمأة ويقولون
فيها: جدري الأرض. فقال: إن الكمأة من المنّ، وماؤها شفاء للعين، وهي شفعا من السم.
وأهدى تميم الداري إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم زبيبا، فلما وضعه بين يديه قال لأصحابه:
كلوا، فنعم الطعام الزبيب، يذهب النصب، ويشد العصب، ويطفيء الغضب، ويصفي اللون، ويطيب النكهة، ويرضى الرب.
وقال طلحة بن عبيد الله: دخلت على النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو جالس في جماعة من أصحابه، وفي يده سفرجلة يقلبها، فلما جلست إليه دحرج بها نحوي، وقال: دونكها أبا محمد، فإنها تشد القلب، وتطيب النفس، وتذهب بطخاء «1» الصدر.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أربع من النّشر: شرب العسل نشرة «2» ، والنظر إلى الماء نشرة، والنظر إلى الخضرة نشرة، والنظر إلى الوجه الحسن نشرة» وقال عثمان بن عفان: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: من بلغ الخمسين أمن الأدواء الثلاث: الجنون، والجذام، والبرص.
ومن حديث زيد بن أسلم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله.
ومن حديث أبي سعيد الخدري: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: أنزل الدواء الذي أنزل الداء.
ومن حديث زيد بن أسلم أن رجلا أصابه جرح في بعض مغازي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فدعا له رجلين من بني أنمار، فقال: أيكما أطبّ؟ فقال له رجل من أصحابه:
في الطب خير؟ قال: إن الذي أنزل الداء أنزل الدواء.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: عليكم بهذا العود الهندي، فإن فيه سبعة أشفية، يسعط به من
العذرة «1» ، ويلدّ به من ذات الجنب «2» .
يريد القسط الهندي، وهو الذي تسميه العامة: الكست.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: عليكم بهذه الحبة السوداء، فإن فيها دواء من كل داء إلا السام.
يعني الشونيز.
وفي مسند ابن أبي شيبة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: عليكم بالإثمد «3» عند النوم، فإنه يحدّ البصر، وينبت الشعر.
وفيه أن عبد الله بن مسعود قال: عليكم بالشفاءين: القرآن، والعسل.
الأصمعي قال: ثلاث ربما صرعت أهل بيت عن آخرهم: الجراد، ولحوم الإبل، والفطر. وهو الفقع.
ويقول أهل الطب: إن أردأ الفطر ما ينبت في ظلال الشجر، ولا سيما في ظلال الزيتون، فإنه قتّال.
وقال وهب بن منبه: إذا صام الرجل زاغ بصره، فإذا أفطر على الحلوى رجع إليه بصره.
وأقبل رجل على النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، إني كنت في الجاهلية ذا فطنة وذا ذهن، وأنكرت نفسي في الإسلام! فقال له: أكنت تنام في القائلة! قال: نعم.
قال: فعد إلى ما كنت عليه من نوم القائلة.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: عليكم بالشجرة التي كلم الله منها موسى بن عمران، زيت الزيتون فادّهنوا به، فإن فيه شفاء من الباسور.
وقال: في الزيتونة يقول الله: وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ
«1» .
وتقول الأطباء: إذا خرج الطعم «2» من قبل ست ساعات فهو من ضرر، وإذا أقام في الجوف أكثر من أربع وعشرين ساعة فهو من ضرر.
معاوية والمغيرة
: دخل المغيرة بن شعبة على معاوية فقال له معاوية: أنكرت من نفسي خصلتين: قلّ طعمي، ورقّ عظمي؛ فإن تدثرت بالثقيل أثقلني، وإن تدثرت بالخفيف أصابني البرد. قال: نم يا أمير المؤمنين بين جاريتين سمينتين، يدفئانك بشحومهما، ويحملان عنك ثقل الدثار بمناكبهما، وأكثر من الألوان، وكل من كلّ لون ولو لقمة؛ فإن ذلك إذا اجتمع كثيره نفع. فدخل عليه بعد ذلك فقال له معاوية: يا أعور، قد جربنا ما قلت فوجدناه موافقا.
التعويذ والرقي
أبو بكر بن أبي شيبة عن عقبة عن شعبة عن أبي عصمة قال: سألت سعيد بن المسيّب عن تعليق التعويذ، قال: لا بأس به.
وكان مجاهد يكتب للصبيان التعويذ ويعلقه عليهم.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: من قال إذا أصبح: أعوذ بكلمات الله التامة، من كل عين لامة، ومن كل شيطان وهامة؛ لم يضره عين ولا حية ولا عقرب.
وفي مسند ابن أبي شيبة أن خالد بن الوليد كان يفزع في نومه، فشكا ذلك إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال له: أخبرني جبريل أن عفريتا من الجن يكيدك، فقل: أعوذ بكلمات الله التامات المباركات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض وما يخرج منها، ومن شر كلّ ذي شر. فقالهن خالد، فذهب ذلك عنه.
وفي مسند ابن أبي شيبة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم بينا هو يصلي ذات ليلة، إذ وضع يده على الأرض فلدغته عقرب، فتناول نعله فقتلها؛ فلما انصرف قال: لعن الله العقرب، ما تدع نبيا ولا غيره! ثم دعا بماء وملح فجعله في إناء، ثم صب على إصبعه منه، ومسحها وعوّذها بالمعوّذتين.
وفي مسند ابن أبي شيبة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: لا رقية إلا من عين أو حمة. والحمة:
السم.
سفيان بن عيينة قال: بينا عبد الله بن مسعود جالسا تعرض عليه المصاحف، إذ أقبلت أعرابية فقال: أبا فلان- لرجل جالس إليه- لقد لدغ مهرك، وتركته كأنه يدور في فلك، فقم فاسترق له. فقال له ابن مسعود: لا تسترق له، واذهب فانفث في منخره الأيمن أربعا، وفي الأيسر ثلاثا، وقل: اذهب الباس يا رب الناس، فإنه لا يذهبه إلا أنت. ففعل، فلم يبرح حتى أكل وشرب وبال وراث.
دخل أبو بكر على عائشة وهي تشكو ويهودية ترقيها، فقال لها: ارقيها بكتاب الله.
الحجامة والكي
قال عبد الله بن عباس: احتجم النبي صلّى الله عليه وسلّم في رأسه من أذى كان به.
وفي مسند ابن أبي شيبة: ان عيينة بن حصن دخل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يحتجم في فأس رأسه، فقال: ما هذا؟ قال: هذا خيرا ما تداويتم به.
وفي مسند ابن أبي شيبة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: خير ما تداويتم به الحجامة «1» والقسط العربي، ولا تعذبوا صبيانكم بالغمز من العذرة «1» .
وفيه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: خير يوم تحتجمون فيه، سبعة عشر، وتسعة عشر؛ وأحد وعشرون.
وفيه أنه قال: إن كان في شيء مما تعالجون به خير ففي شرطة من محجم، أو لذعة من نار تواقع أللما، أو شربة من عسل؛ وما أحب أن أكتوي.











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید