المنشورات

طعام عبد الأعلى

محمد بن سلام الجمحي قال: قال بلال بن أبي بردة وهو أمير على البصرة للجارود ابن أبي سبرة الهذلي: أتحضر طعام هذا الشيخ؟ يعني عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر؟
قال: نعم. قال: فصفه لي. قال: نأتيه فنجده متصبّحا «2» - يعني نائما- فنجلس حتى يستيقظ، فيأذن لنا فنساقطه الحديث؛ فإن حدثناه أحسن الاستماع، وإن حدثنا أحسن الحديث؛ ثم يدعو بمائدته، وقد تقدّم إلى جواريه وأمهات أولاده أن لا تلطفه واحدة منهن إلا إذا وضعت مائدته؛ ثم يقبل خبازه فيمثل بين يديه، فيقول: ما عندك اليوم؟ فيقول: عندي كذا، عندي كذا ... فيعدد كل ما عنده، ويصفه؛ يريد بذلك أن يحبس كلّ رجل نفسه وشهوته على ما يريد من الطعام، وتقبل الألطاف من ههنا وههنا، وتوضع على المائدة؛ ثم يؤتى بثريدة شهباء من الفلفل، رقطاء من الحمص، ذات حفافين من العراق «1» ؛ فنأكل معه، حتى إذا ظن أن القوم قد كادوا يمتلئون، جثا على ركبتيه ثم استأنف الأكل معهم. فقال [ابن] أبي بردة: للَّه درّ عبد الأعلى، ما أربط جأشه على وقع الأضراس.
وحضر أعرابيّ طعام عبد الأعلى، فلما وقف الخباز بين يديه ووصف ما عنده قال:
أصلحك الله، أتأمر غلامك يسقيني ماء، فقد شبعت من وصف هذا الخباز! وقال له عبد الأعلى يوما: ما تقول يا أعرابي، لو أمرت الطباخ فعمل لون كذا، ولون كذا؟ قال: أصلحك الله، لو كانت هذه الصفة في القرآن لكانت موضع سجود.











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید