المنشورات

الفرزدق وابن الحصين

أبو عبيدة قال: مر الفرزدق بيحيى [بن الحصين] بن المنذر الرقاشي فقال له: هل لك أبا فراس في جدي رضيع، ونبيذ من شراب الزبيب؟ قال: وهل يأبى هذا إلا ابن المراغة «2» .
وقال الأحوص لجرير لما قدم المدينة. ماذا ترى أن نعدّ لك؟ قال: شواء وطلاء «3» وغناء. قال: قد أعدّ لك.
وقال مساور الورّاق في وصف الطعام:
آسمع بنعتي للملوك ولا تكن ... فيما سمعت كميّت الأحياء
إنّ الملوك لهم طعام طيب ... يستأثرون به على الفقراء
إني نعتّ لذيذ عيشي كلّه ... والعيش ليس لذيذه بسواء
ثم اختصصت من اللذيذ وعيشه ... صفة الطعام لشهوة الحلواء
فبدأت بالعسل الشديد بياضه ... شهد تباكره بماء سماء
إني سمعت لقول ربك فيهما ... فجمعت بين مبارك وشفاء
أيام أنت هناك بين عصابة ... حضروا ليوم تنعّم أكفاء
لا ينطقون إذا جلست إليهم ... فيما يكون بلفظة عوراء «1»
متنسمين رياح كلّ هبوبة ... بين النخيل بغرفة فيحاء «2»
فقعدت ثم دعوت لي بمبذرق ... متشمّر يسعى بغير رداء «3»
قد لفّ كمّيه على عضلاته ... قلص القميص مشمّر سعّاء
فأتى بخبز كالملاء منقّط ... فبناه فوق أخاون الشّيزاء «4»
حتى ملاها ثم ترجم عندها ... بالفارسيّة داعيا بوحاء «5»
فإذا القصاع من الخلنج لديهم ... تبدو جوانبها مع الوصفاء
ارفع وضع وهنا وهاك وههنا ... قصف الملوك ونهمة القرّاء
يؤتون ثمّ بلون كلّ طريفة ... قد خالفته موائد الخلفاء
من كلّ فرنيّ وجدي راضع ... ودجاجة مربوبة عشواء
ومصوص درّاج كثير طيّب ... ونواهض يؤتّى بهنّ شواء «6»
وثريدة ملمومة قد سقّفت ... من فوقها بأطايب الأعضاء
وتزيّنت بتوابل معلومة ... وخبيّصات كالجمان نقاء
هذا الثّريد وما سواه تعلّل ... ذهب الثريد بنهمتي وهوائي
ولقد كلفت بنعت جدي راضع ... قد صنته شهرين بين رعاء
قد نال من لبن كثير طيّب ... حتى تفتّق من رضاع الشّاء
من كلّ أحمر لا يقر إذا ارتوى ... من بين رقص دائم ونزاء «1»
متعكّن الجنبين صاف لونه ... عبل القوائم من غذاء رخاء
فإذا مرضت فداوني بلحومها ... إني وجدت لحومهنّ دوائي
ودع الطبيب ولا تثق بدوائه ... ما حالفتك رواضع الأجداء
إنّ الطبيب إذا حباك بشربة ... تركتك بين مخافة ورجاء
وإذا تنطع في دواء صديقه ... لم يعد ما في جونة الرّقّاء»
نعت الطبيب هليلجا وبليلجا ... ونعتّ غيرهما من الأدواء «3»
رطب المشان مجزّعا يؤتى بها ... والرازقيّ فما هما بسواء «4»
وبنانيا زرقا كأنّ بطونها ... قطع الثّلوج نقيّة الأمعاء «5»
ليست بآكلة الحشيش ولا التي ... يبتاعها الخنّاق في الظلماء














مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید