المنشورات

الأطعمة التي تولد كيموسا جيدا

كل ما كان معتدلا من الأطعمة لم تفرط فيه قوّة ولم يجاوز القدر فيه، ولد دما خالصا نقيا صحيحا، وكل ما كان كذلك فهو موافق لجميع الأبدان وفي جميع الأوقات، وهو لجميع الأبدان المعتدلة في جميع الأوقات، وفي الأوقات المعتدلة أوفق؛ لأن ما تجاوز الاعتدال من الأبدان يحتاج من الأطعمة إلى ما فيه قوّة تجاوز الاعتدال؛ وكذلك الأبدان المعتدلة في الأوقات التي ليست بمعتدلة.
وفي الأطعمة ما هو غليظ وما هو لطيف وما هو بين ذلك، وأجودها لجميع الناس ما كان معتدلا منها، بين الغليظ واللطيف، وما هو بين ذلك.
وقد وصفنا الأطعمة الغليظة واللطيفة والمتوسطة. ومتى يصلح كل صنف منها؛ فبقي علينا أن نخبر بجملة الأطعمة المولدة الكيموس الجيّد، وقسمتها على ما قسمناها.
فمن ذلك خبز الحنطة النقي المحكم الصنعة إن كان من يومه، ولحم الدجاج،والجداء، وحولية الماعز، وما كان من السمك ليس بصلب ولا كثير اللزوجة، وما لم يكن له زهومة «1» ولم يكن له سمن كثير، وما كان مرعاه فيما ليس فيه أوساخ ولا حمأة ولم يكن سريع العفونة، وكل ما اشتد واستحكم نضجه من البيض، وكل شراب طيب الريح ياقوتي اللون ليست فيه حلاوة- كل ذلك يولد كيموسا «2» معتدلا بين اللطيف والغليظ.
وأما الدراج «3» ، والفراريج وأجنحة جميع الطير، وما صغر من السمك وكان مرعاه على ما وصفنا، وما ألقي عليه من السمك الملح فصار رخصا وذهبت لزوجته، وماء كشك الشعير، والشراب الطيب الرائحة الاحمر- فكل ذلك جيد الكيموس لطيف.
واما اللبن الحليب فإنه جيد الكيموس، إلا ان فيه غلظا؛ ولذلك ربما تجبن في المعدة؛ فلهذه العلة يخلط به العسل والملح، ويرق بالماء.
وأجود اللبن واعدله لبن الماعز؛ لانه ألطف من لبن الضأن والبقر، وأغلظ من لبن الأتن واللّقاح «4» .
وينبغي للبن أن يؤخذ من حيوان صحيح شابّ جيد الغذاء.
ولا يحتلب في وقت ما يضع الحيوان، ولا بعد ذلك بزمان طويل لأن اللبن من الحيوان في وقت ما يضع غليظ، ثم يرق بعد ذلك قليلا قليلا حتى يصير مائيا، فلذلك كان أوّله وآخره رديئا.
وأجود ما يؤخذ من اللبن ساعة يحلب، قبل ان يغيره الهواء؛ لانه سريع الاستحالة.
وأما الخشكار «1» من الخبز الرطب، وكل ما لم تحكم صنعته من الخبز السميذ، وخبز الفرن، ولحم العجل؛ ومن اجزاء الغنم الضرع والكبد والفؤاد، ومن الحبوب الباقلي، ومن الشراب ما كان طيب الرائحة حلوا- فكل ذلك يولد كيموسا غليظا جدّا.













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید